السبت، 28 مارس 2020

كيف استبدلنا السماء بسقف الغرفة؟ (2) : دعوة للارتجال




بقالي كذا يوم بفكر اني نفسي اكتب باللغة دي، اللغة اللي بتكلم بيها وبفكر بيها. يعني تخيلوا كدة اننا طلعنا بنفكر بلغتين مش بلغة واحدة؟ يعني لو جيت تكتب عن حاجة بلغتك هتقول افكار غير اللي هتقولها لو كتبت باللغة العربية! مش هدخل في خناقة انهي احسن وفي إشكاليات الماضي والمستقبل. واحنا على مشارف نهاية العالم مش هنفكر في مستقبل، لكن هنفكر في لحظاتنا القليلة اللي احنا لسة ماسكينها. في حبستنا في بيوتنا اللي ورتنا حاجات كتير اكتر من اللي كنا بنشوفها واحنا بنلف الكرة الأرضية كل يوم على رجلينا. في اللحظة الأخيرة دي، هنبطل نحط خطة، عشان مش هتتنفذ، فهنبدأ نرتجل.

خرجت من شوية من تجارب إحدى الصديقات للقيام برحلة فضائية مفترضة، وقابلت في طريقي محاولات عديدة لتوثيق اكتشافات الكوارانتين الإسباني، وافتكرت وانا في اسبانيا لا كاسا اللي هينزل بعد اسبوع تقريبا، عشان نتابع مع بعض فوضى البروفوسير الغير خلاقة، ونستمتع كلنا بالعالم الصلب اللي صنعته الحداثة، اللي أذابها باومن في مختبر سوائله، وبخّرها الاحتباس الحراري، وراحت في مهب الريح.

كنت بفكر شوية في أناشيد التضحية والجهاد الإسلامي مش كوثائق شاهدة على تاريخ معين، لكن كتحف فنية مجردة، ممكن بعد ألف سنة نجمدها ونحطها في متحف، ونسميه متحف الأصوات اللي صدقت أغانيها، لحد ما ماتت فيها. وهنوثق الأعمال دي في كتاب هنسميه تحفة الموت، نحطه على نفس الرف جنب كتاب شرح القصيدة الروح لمحمد يوسف رشيد.

وجودنا في اللحظة دي هو وجود مفارق تماماً. بتبقى قاعد وصاحبك بيكلمك من مدينة تانية عشان يقولك ان الشركة اللي هو قدم واتقبل فيها من اسبوع مشروعها اتقفل على حظه. انت اصلا قاعد عشان النشاط اللي كنت بتعمله مع الناس برة مابقالهوش وجود في الحظر. كل صحابك مستنيين حاجة هم مش عارفينها. كل العالم بيوثق لحظة فريدة، كل الناس بيورونا لو مكنتش عجلة الإنتاج هرست حياتهم كانوا هيبقوا مبدعين قد ايه؟ وقد ايه مخنا بيكتشف حاجات أكبر لما بنديله فرصة كافية للتأمل؟

كله متفق إننا هنخرج من التجربة دي مش زي ما دخلنا، لا كاقتصادات مستنزفة، ولا كأنظمة صحية مكنتش مستعدة لوباء في القرن الواحد والعشرين، ولا كأنظمة تعليم وبحث علمي مش مواكبة حاجة الإنسانية لاستغلال كل فرصة لحماية نفسها من خطر الموت والانهيار. ولا طبعاً كأنظمة حكم معندهاش خطة لإنقاذ الملايين من فاقة كبرى ناتجة عن ركود النشاط الاقتصادي وخسارة أعمال كتير مبنية على تدفق الناس في الشوارع! كل الحاجات الكبيرة اللي سيطرت على مخيلاتنا بدأت تتضائل قصاد حاجة اكبر تبت أيديهم. كل الأنظمة بتحاول تلحق الكارثة، وكله ملطوط الكبير قبل الصغير. الفيروس تجاوز الحدود والطبقات، وتعامل مع الإنسان على إنه إنسان في كل مكان، لكن فيه ناس لسة مش فاهمة إن الشر ممكن يعم، زي ما الخير ممكن بالظبط.

هكمل كلامي مع سجادة الصالون، وهقولكم لو عرفت حاجة مهمة..

إلى لقاء افتراضي آخر: جميل، ونظيف، ومتطور.

حقوق ملكية العنوان محفوظة © نورا 2020

الثلاثاء، 24 مارس 2020

وقائع طمس ظل لا تشرق له شمس



س:
ج: لا أكتب الشعر، بل أؤيده.

س:
ج: لا أصنع الحق، بل أردده.

س:
ج: لم أنزل الشارع، بل صعد الكوكب.

س:
ج: لم أركض، بل دارت الأرض.

س:
ج: لم آكل، بل قفزت في فمي الدجاجات.

س:
ج: لم أحارب، بل سارت تحت جسدي الدبابات.

س:
ج: لم أحب، بل تسارع قلبي.

س:
ج: لم أحلم، بل انغلقت عيني بين الذي أمامي وبيني.

س:
ج: لم أشاهد، بل غزتني الرؤى.

س:
ج: لم أقرأ، بل مرت خلال رأسي الكتب.

س:
ج: لم اتنفس، بل اقتحمني هواء الغلاف.

س:
ج: لم أولد، بل تسحبني أيديهم من مكان إلى مكان، وإلى الآن.

س:
ج: لم أكبر، بل تقادمت الأيام.

س:
ج: لم أصفع، بل جاء وجههم في طريق كفي.

س:
ج: لم أتظاهر، بل جذبتني المسيرة ورفعتني الأعلام.

س:
ج: لم أعمل، بل وضعوا أمامي الورق، ثم عادوا فأخذوه.

س:
ج: لم أدفع، بل طارت الجنيهات من ثقب بنطالي.

س:
ج: لم أبكي، بل تساقط المطر على وجهي.

س:
ج: لم أضحك، بل شد أحدهم أطراف شفاهي وهرب.

س:
ج: لم أصلي، بل ضايفني الرب في مجلسه.

س:
ج: لم أعانق، بل أمسكني الناس بينما أقع.

س:
ج: لم أغني، بل اصطدمت روحي بأوتار الوحدة.

س:
ج: لم أخطو، بل أقبل عليَّ الطريق ذراعًا.

س:
ج: لم ألعب، بل تبعثر العالم ثوانٍ وترتب.

س:
ج: لم أزرع، بل بحث عني القمح.

س:
ج: لم أبحر، بل أغرقني الملح.

س:
ج: لم أصنع، بل أدارتني الآلة.

س:
ج: لم أقطف، بل وقعت في يدي التفاحة.

س:
ج: لا أكتب، بل تتساقط أصابعي.

س:
ج: لا أسمع، بل يتناهى إلى أذنى الصخب.

كيف استبدلنا السماء بسقف الغرفة؟ (1) : حوار مع منار



- عامل ايه في الحجر ده يا هيثم؟
أنا زهقت
تفتكر هنخرج منه؟

- زهقت كذلك، بحاول اقرا واكتب
لكن الطاقة غير المتجددة مش بتساعد على تقليب الأفكار كتير

- للأسف فعلاً
بس حاسة إن العالم بقى واقف وساكت والناس بطلت تجري حواليا

- حركة الجسم والتفاعل مع الأماكن بتنشط العقل وبتلهم الإنسان

- بس السكوت فيه ميزة انه بيخلينا نتواصل مع نفسنا أكتر

- ده جانب مهم برضو

- "تفتكر هنخرج منه؟"
لو مخرجناش يبقى مبروك علينا النظام العالمي اللي هيتغير للأبد

- تفتكر ده هيحصل بجد؟
النظام العالمي ممكن يتغير؟
حاسة اني عايشة جوا رواية

- النظام العالمي معتمد على السيطرة على أجساد الناس بشكل هرمي واطئ
لما العلاقة دي تتلاشى هتبقى علاقة النظام بالناس هي علاقة بين أفكار بس
الحاجات اللي شبه الأفكار صعب إمساكها
وده هيفكك العلاقات التراتبية بين طبقات السياسة والاقتصاد والمجتمع

- حاسة ان جواية احساس تشوق اشوف الوضع ده اكتر من احساس الخوف

- ماحنا شايفينه
مش انتي حاسة شوية - بشكل غريب ومتناقض تماما - إن الناس بدأت تحس بحرية أكبر وهي في بيوتها؟
انهم بقوا اكثر مشاركة وقدرة على التعبير عن ذواتهم الحقيقية؟

- اه فعلا
جدا

- وحتى عن افكارهم الخلاقة

- صح فعلا
كإن في شئ كابس عالنفس كدة
وإيده بتخف بالتدريج
أو قوة أكبر منها بتسحبها لفوق

- ممكن نستعين هنا بنظريات فوكو عن الجسد والسلطة، ونشوف معكوس العلاقة دي في النظرية بينتج إيه

- كنت الأسبوع اللي فات بقرأ له الانهمام بالذات
بس دلوقتي ممكن اقرأ له كتاب المراقبة
وأقضي معاه جزء من الوقت الواقف ده، ربما أقدر افهم

***

مقال عن ميكروفيزياء السلطة عند ميشيل فوكو، يلا نجرب نقراه سوا




الأربعاء، 18 مارس 2020

يوميات العزل #318

فكرت ابقى كوميديان
بس دمي تقيل ملة
فهقوم اعمل فنجان
تشرب معايا كلة؟
- تسلم ياعم شومان
مانا لسة مالي قلة