الأحد، 18 أكتوبر 2015

بلطجية الجامعة

عصابة منظمة من البلطجية يسمّون أنفسهم " أمن الجامعة " , يبدون لك بدءاً من محاولة التسلل إلى جامعة القاهرة , السجن المشدد ذي الأبواب الحديدية المُحكمة , لتمر خلال 4 مراحل من التفتيش ; أولها للتأكد أنك تحمل بطاقة تؤكد أنك طالب في كلية من داخل الحرم , وفي هذا لا يحق لك أن تتبرم إذا انضممت إلى حشد من عشرات الشباب الذين يحاولون فقط الدخول لتلقي العلم , وإذا - لا قدر الله - ابديت اعتراضك فهناك الأيدي تستطيع التحدث على ملابسك وكتفيك وظهرك ووجهك , فاطمئن يا بني , لا توجد هناك حدود مكتوبة للعلاقة "الحميمية" بين بلطجي الأمن وطالب العلم , ثم لتمر في المرحلة الثانية بالباب الحديدي الذي لا يتسع إلا لواحد لو اتسع! ثم لتلقي عنك حقيبتك في هذا الروتين اليومي ليتأكدوا أنك لست إرهابياً تحمل قنابل نووية لتفجير الجامعة , ولتعلم أنك أنت في كل الأحوال الإرهابي المتهم , وليس ذي اليد الباطشة الذي لا يراعي حدود العمل , ولا يراعي حتى فروق المكانة فالتعامل هنا هو بالأيدي والأجسام فقط , لا أخلاق على أرض جامعتنا , وأخيراً تريد ذيول البوابة ان تتأكد أنك آمن تماماً ولو ساورهم الشك في ذلك فسيأخذوا عنك حقيبتك ويفتحوها ليتأكدوا من خلوها من أي شئ! هذا هو روتين الإهانة اليومي الذي يتعرض له كل طالب في كل جامعة في بلادنا الحبيبة , أنت متهم حتى تستطيع الدخول , يومياً أنت متهم!

ستجد أيضاً رجال هذه العصابة حولك وإلى جانبك إذا - لا قدر الله - حاولت أن تعبر عن رأيك بأي شكل , يشتمون ويضربون بالأيدي والعصي والأحزمة والأسلحة البيضاء , والتاريخ يشهد , ففي الشهور الأخيرة من النصف الدراسي الثاني قُتل طالب ( ضرباً !!! ) على أيدي هؤلاء الأبطال الذين كانوا يحافظون على نظام الجامعة بأن هجموا كالهمج على مظاهرة مسلحة بالصوت لمجموعة من الطلاب لا تتعدى المائة وخمسين طالب وطالبة , فنالوا جزائهم على أية حال في دولة اللا قانون , عفواً , في الغابة التي نعيش عليها جميعاً حيث لا مكان لحقوق الأفراد , ولا مجال لحرية الإنسان ولا رفاهية له في كرامته.

وفي تكرار رتيب اعتدنا عليه حتى صار كأنه عادياً , اعتدت تلك العصابة من البلطجية على مجموعة من الطلاب الذين وجدوا إخوتهم ينتفضون في الجوار لا يهابون الموت بل يستقبلونه بضحكة الأبطال , هم أثاروا الحرية والكرامة على الحياة ! في حين أن " الأخت الكبرى " مصر لا تأبه ولن تأبه بهم , ولكنها تشارك في حرب اليمن , نعم إنها النخوة , اضحكوا! النخوة - يا صديقي الذي لا تعلم - تُشترى بالبترول وبالدولار , فلتتوقف عن الأحلام قليلاً. نرى ونسمع الأخبار اليومية عن اعتاءات الأقصى دون أن نحرك ساكناً , اللهم إلا أننا ندين ونشجب! لم يبقى إلا أن تساند الشعوب بعضها ولو صورياً بالتضامن والتعاطف لأن الحكام ينشغلون الآن بقضايا أخرى أهم من تدنيس المسجد الأقصى وهدمه , أهم من دماء العرب كلها! ولكن في أي نظام يا عزيزي لا يعد حتى ذلك ممكناً ؟ في أي نظام يا صديقي لم يعد لك الحق في الاعتراض على قضية قومية لا تهز عرش نظامك الحاكم في شئ ؟ في أي نظام لا يوجد هناك مساحة للتحرك الشعبي في الشوارع لإعلان التضامن والمناصرة ؟ بل ولا توجد هناك مساحة لأن تعلن - أنت شخصياً - التضامن مع الانتفاضة الفلسطينية ضد الاحتلال الصهيوني على الملأ ! فأين يا أحبائي أصبحت هذه جريمة يستحق من يقترفها أن يُمنَع ؟ لماذا تُمَزّق صور شهداء الانتفاضة ؟ لماذا تُنَكس أعلام فلسطين في بلادنا ؟ لماذا يمنع هذا الشكل الرمزي للتعبير عن التضامن " الرمزي " أيضاً من طلاب هم واجهة الشباب المصري والعربي في واحدة من أكبر المجتمعات الجامعية زخماً وتنوعاً وعلماً وفكراً ووعياً وثقافة؟ متى أصبحنا آلات لا تُشارك العالم في شئ ولا يهمها سوى الدخول لتلقي المحاضرات والخروج في سلام؟ منذ متى وطلاب الجامعة ممنوعون عن المشاركة في الحياة والفكرية والسياسية؟ كيف نتقدم في ظل نظام يُخَرّج أجيال من التروس التي تخدم النظام الكبير بلا عقول ناقدة ولا وعي فاعل ومؤثر ومُغير ؟ من له المصلحة العليا في ذلك ؟ ثم ما - برأيك - وضع النظام الذي يغني ويتغنى بالدفاع عن العرب ليل نهار ثم يترك إخوته يُقتلون ويذبحون بجانبه ولا يعترض ؟! بل يساهم في حصارهم وتجويعهم وإذلالهم عبر الجانب الآخر من سجن الفلسطينيين : مصر , بجانب الكيان المغتصب. هل علمت عن من يدافع نظامك الآن؟

هل أدركت كارثة أنك لست حراً على الإطلاق ؟

ليرحمك الله , وليرحم من يقاومون الأغلال في كل بقعة من بقاع الأرض , المستبد عدو الإنسانية , لقد ولدتنا أمهاتنا أحراراً , وسنظل نقاوم إلى أن نموت , فالموت حرية من الحياة إذا كانت الحياة تسجن روح الإنسان التي تأبى إلا أن تنطلق!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق