الأربعاء، 20 نوفمبر 2013

عايز امشي

عايز امشي واسيب
كُل الأشياء
وأمّا ازهق أرجع
أو لمّا اشتاق
طبعا معذور
هتقول إتغَرّ
أنا مش مغرور ,
لَكِن مُضطَر

الاثنين، 18 نوفمبر 2013

رسائل خريفية

إشتري
صوت الغلابة
بكلمتين
وبنور عينين
ونعِد من صفر لمتين :
اللي الكلام الحلو ركّبلُه جناحين
واللي انتشِت من نظرِتَك
واللي تّغّنوا في نبّوة حضرتك
واللي يقول عليك دَكَر
واللي افتَكَر
إنك ملاك
واستأذن الشعب اللي بيهمّك أوي
إذنك معاك
تستقوى عالناس بالسلاح ؟
الله قوي
.
ولّا اشتري
دَم الغلابة
في الحوادث
والمنايا
بكام جنيه
بَدَل اما نبدأ نكتشف
الغلطة ايه ؟
عد الكوارث اللي حصلت
قد إيه متكررة
إشتري تغيير نظام
في كل حاجة في البلد
جابنا لورا
ولّا اشتري
ديّة تراضي أهل أمواتنا وخلاص
إحنا كدة
في بلاد تحب المنظرة
هو أنا أصلا
برغي ليه
إحنا في بلاد
تمن القتيل فيها
أرخص
يا باشا
من
 تمن الرصاص
.
ولّا اشتري
جهل البَشَر
وإولِد مكانُه كام قناعة
وكام قِناع
إخلقلُهُم مليون دراع
حيث لو يحبّو يفكّروا
ميفكروش
إملا الكروش
وإملا الهوا تزييف
من اللي بيفضَحَك
ما أوضَحَك
في الحرب
ضد
الكلام
سبحان ربّي
ازاي
لشاري سلاح
يبيع السلام!
.
ولّا اشتري
هُدنة
ونافِق ما تَبَقّي من الجيوش
حلّق وحوش
صوّب رُصاصَك عالشهيد
وإقتُلُه
ومن فوق دماؤه إبكي لُه
وقولّه
  " المَجد لك "
المجد ليه
مات بطل
والعار عليك
عِشت خاين
جاي تحرق في المداين
والبيوت
الناس تموت
وتقولّي مصر
الناس تضيع
وتقولّي مصر
دي مصر ايه اللي تآمرت عالجميع
ورمِتنا تحت الدبّابات!
تحيا مصر وتسقُطوا حتى الممات!
ما أندَلَك
وابنيلُه نصب
كفاية نَصب ومسخرة
وكفاية عك
مهما ادَّعيت
مش هسمعك
مهما افتريت
مش هتبَعَك
مهما اشتريت
انا مش هبيع
يا خريف كئيب
أنا لسة ناوي أشوف ربيع
يا خليف حبيب
يا جنود أسَد
أنا مابيكتمش صوتي حد
والثورة مايوقّفها سد
وكلامي جَد
يا عم عَبد
ومتفتكرش الظُلم مجد
الظُلم عار
والدم نار
والقتل مش كُلّه انتصار
يوماً مضى الشعب ثار
وأكيد في هيقوم يثور
عاللي اشترى بحلمه القصور
وعاللي خان وعاللي باع
يوماً سيسقُط القناع
والكُل يدفَع ما عليه
وأكيد كلامي خفيف يا بيه
مش نور عينيكُم .. ولا إيه ؟

الجمعة، 15 نوفمبر 2013

الدنيا كتاب مفتوح

الدُنيا كتاب مفتوح
والقلب ديوان أشعار
ولا فيها سعادة وجنّة
ولا قلبي شرارِة نار

القَلب بيحزن آه
وبيفرح برضو كتير
والدُنيا بتضحك لمّا
بَتوَفَّق في التعبير

الجانب الإبداعي

الجانب الإبداعي
في الشِعر والإمتاعِ
بيحب من غير داعي
ويشقلب الأحوال

والجانب اللي اكتئَب
يحزن لمليون سَبب
والعِبرة باللي اتكتب
والحِكمة في اللي اتقال

قَلَم ومُذَكِّرة في شوارع القاهرة ! 3


كان المغرب قد أذَّن منذ دقائق , ارتديت ملابسي واجتزتُ سلالم البناية وبابها إلى الشارع. كان الجو لطيفاً والمرور هادئاً. أوقفتُ سيارة أجرة فوقف ونَظَر لي مُستفهماً .. فأجبت : جامعة الدول العربية.

بعد اجتيازنا شارع دولتيان باتجاه كورنيش النيل اتجهنا يميناً عند نافورة الماء باتجاه المظلات. لم أعلم لماذا كانت أضواء الشوارع في هذه الناحية غير مضيئة , أضاءت مجدداً بعد دخولنا منطقة معهد ناصر .. شارع كورنيش النيل.

على يميني كان نهر النيل وبعده من الناحية الأخرى - على ما أعتقد - جزيرة الورّاق , وعلى يساري كانت أبراج أغاخان ومستشفى معهد ناصر وأبراج عثمان ومعارض لبيع السيارات وأراضِ فضاء , ثم الشركات القابضة للكهرباء ودار المعارف ودار الوثائق القومية والأبراج السكنية المرتفعة , ثم نادي الكهرباء , ثم أبراج نايل سيتي وفندق فيرمونت ومول أركاديا الذي لم يتم إصلاحه منذ اندلاع الثورة في 28 يناير 2011 , ثم فندق كونراد وكازينو الشجرة .. نسيت أن أذكُر أن كل الجزء الأيمن على حافة النيل مملوء بالمراكب التي يملأها الغناء والرقص والصخب ليلاً وتزينها الأضواء بطول الكورنيش كل 50 متر .. عودةً إلى اليسار حيث بُرجيّ البنك الأهلي المصري ومبنى بنك مصر وأبراج المشروع القطري , ثم صعدنا كوبري 15 مايو.

كان المرور مزدحماً على الكوبري قليلاً لكن السيارات تسير , لم ننزل إلى الزمالك بل تجاهلنا فرع الكوبري الهابط وأكملنا بالفرع العلوي , اخترق كوبري 15 مايو كل عمارات الزمالك يميناً ويساراً من أول شارع 26 يوليو إلى آخره , فأنظُر يميناً وأجد تلك البناية السكنية بطرازها المُتقَن , وأنظُر يساراً فأجد هذا الفندق السياحي الفاخر , وأنظر يميناً فأجد صفّاً من المباني المتباينة الأشكال المتنوعة الجمال , وأنظر يساراً فأجد تلك المدرسة اللغات المعروفة , وأنظر يميناً فأجد فيلات المشاهير , وأنظر يساراً فأجد سفارات الدول , وأنظر يميناً فأجد نادي الشرطة , وأنظر يساراً فأجد هذا الجامع الذي يقابل ساقية عبدالمنعم الصاوي للنشاط الثقافي والاجتماعي , وتتلاشى الجزيرة فأجد نفسي فوق النهر مجدداً .. على ذات الكوبري , ويُشرف على النهر فندق صوت مصر , وبيت كوكب الشرق , أم كلثوم , وأكمِل سير فيقابلني أيضاً مسرح البالون , وأكمل فينحدر بنا الكوبري صوب جامعة الدول العربية.

لم يكُن للسيارات أن تدخُل شارع جامعة الدول العربية من هذا الاتجاه- كما كان للمارّة - بل كان علينا أن ندخُل شارع أحمد عرابي وندور مع الملف لنهبط في الشارع المُراد , نزلنا فإذا بنَجيب محفوظ - مفخرة مصر وحامل جائزة نوبل في الأدب - يٌلقي إلىَّ بتحية المساء , فابتسمتُ لهُ - كما ابتسم وابتسمَت مصر في عينيه - واتجهنا يميناً , حيثُ شارع أحمد عُرابي .. البطل أحمد عُرابي.

لم يكُن شارع أحمد عُرابي وحده هو ما يتميّز بتلك الأنوار في كُل نواحيه ولا بهذه البهجة في ضواحيه , بل إنّ تلك الأنوار وهذه البهجة من صفات منطقة المهندسين نفسها بكُل شوارعها المليئة بالمحلّات والمطاعم والسيارات والأبراج والشركات والبنوك. عودةً إلى الشارع السابق ذكره , فقد كان مزيناً بالأشجار من رصيفه الذي يتوسطُه , وعلى الجانبين توجد البنوك ومكاتب الصرافة , ثم محلّات الملابس , ثم عمر افندي , ثم استدرنا مع الملف وقفزنا في شارع جامعة الدول العربية.

بدأ الشارع بتلك الناصية المشهورة لكل مريديه والتي يحتلها كافيه ( سوليتير ) المنير دائماً , وعندما دخلنا حفّتنا الأضواء والكلمات المُشعّة من كل مكان حتى عجزت عن تسجيل كل ما رأيته في ذاكرتي , فمِن محلّات الملابس إلى فَرَشات الكُتُب , ومِن فُندق النبيلة إلى سور نادي الزمالك , ومن مطعم ماكدونالدز إلى مقهى سيلانترو , ومن أعلام الثورات العربية في ميدان البطل أحمد عبدالعزيز إلى الدبّابات وجنود الجيش بقرب ميدان مصطفى محمود , ناهيك عن الأبراج والشركات والفنادق التي انتَشَرَت بطول الشارع المُبهِج.

أمَّا وقد أتممتُ ما رميت إليه من هذه الرحلة , فقد توجَبَت عليَّ العودة .. أو اخترتها .. لم يعُد يتوجب عليَّ العودة مبكراً يوم الجمعة .. فقد قضت محكمة القضاء الإداري بإلغاء حظر التجوال الذي فَرَضته علينا السُلطة العسكرية منذ مدة بعيدة , ولله الحمد .. أوقفتُ سيارة أُخرى وقُلت : ميدان الدُقّي ؟

ظللنا سائرين في نفس الشارع باتجاه ميدان مصطفى محمود حتى عثرنا على ملف آخر , استدرنا وأكملنا سير بالاتجاه المُعاكس حتى وصلنا إلى شارع البطل أحمد عبدالعزيز ودخلناه , لم يختلف هذا الشارع كثيراً عما سبقوه , فقد كانت تمتاز معظم شوارع تلك المنطقة بالحضور والنور , بدأناه بسلسلة مطاعم ( أمريكانا ) على ناصيته مع شارع جامعة الدول العربية , وأكملنا حيث المباني السكنية والإدارية والشركات والمحلّات ومعارض السيارات , ثم أكملنا مجدداً وخرجنا إلى شارع وزارة الزراعة على الامتداد ذاتُه , ومررنا بجانب مباني الوزارة يميناً ولا أذكر ماذا كان يساراً , ومررنا تحت كوبري الدُقّي وقطعنا الثواني حتى صرنا تحت كوبري اكتوبر وأصبحنا بالفعل في ميدان الدقي.

عَبَرت الطريق من أمام ( التوحيد والنور ) وأصبحت في شارع التحرير .. حيث المطاعم والمخابز والمدارس ومحلّات العصائر ومحلّات المكسرات وبائعي الفاكهة والخُضار وبائعي الكُتُب وبائعي اللحوم والمشويات والأسماك , ثم سينما التحرير وبنك فيصل الإسلامي , ألقيت النظرة التي شَمَلَت هذا كُلّه وذُبتُ في أعماق الأرض متوارياً عن الزحمة والناس والأضواء والأبواق .. في مترو الأنفاق.

كان المترو هادئاً نسبياً في هذا التوقيت من اليوم , كانت الساعة حوالي الثامنة مساءاً , وعندما أقول هادئاً فإنني لم أقصد خلو مقاعدُه , ولا مساحات عرباته من الناس , بل أعني أنني ما رأيت ما أراه صباحاً قبل دخول المدارس أو عصراً بعد خروج الموظّفين , كان هادئاً.

مرّت رحلتي في أعماق الأرض بسلام , كان الشئ الوحيد الذي كدّرني ويُكَدِّرني كلما ركبت هذا الشئ .. تلكَ المحطّة التي أغلقوها ونسوا .. تلك المحطة التي ألغوها واستحسنوا الوضع وماطلوا ماداموا في أمان .. لا أعلم سبب غلق محطتي الجيزة والسادات إلى الآن .. بالطبع لا يفرق هذا معهم في شئ .. فهُم لا يعصرون أنفسهم يومياً كُل صباح في محطة الشهداء حتى يصلوا إلى أعمالهم , وهم لا يتم التحرش بهم وسط تلكَ الملحمة العبثية التي اعتادها الشعب البسيط ..لم يُجَرّبوا سوى المركبات الفارهة والمواكب الشامخة والحراسة المدججة بالأسلحة , لم يشعروا بمعاناة الشعب , فقط يقولوا أغلقوا محطة السادات حتى لا يزعجنا هؤلاء بهتافاتهم. أغلقوها بأوجههم حتى لا يعودوا لميدان الثورة مرّة أخرى .. فكيف يعودوا والدبابات تُحاصر مداخل التحرير كُلّها ؟ .. وأمّا الكثافة التي كانت تحتملها محطة السادات باعتبارها المحطة المزدوجة الثانية , والتي انتقلت بدورها إلى محطة الشهداء فزادتها بشراً على بشر .. فلا يهِم !

كان جَرَس المنزل قد أذَّن منذ دقائق معلناً وصولي , ارتديت ملابسي واجتزتُ رُدُهات المنزل إلى الغرفة الكبيرة. كان الجو لطيفاً والبيت هادئاً. أوقَفَني والدي وسألني أينَ كُنت ونَظَر لي مُستفهماً .. فأجبت : جامعة الدول العربية.

الجمعة، 8 نوفمبر 2013

قَلم ومُذَكِّرة في شوارع القاهرة ! 2



الجُمعة 8 نوفمبر 2013

مرَّ الوقت ولم أشعُر. أعلَم أنني لابد أن أذهب وآتي قبل أن تتم السابعة مساءاً من يوم الجُمعة. دَفَعت الكَسَل والتفكير عديم الجدوَى واستنهضْتُ جَسَدي وارتديت ملابسي ونَزَلت. كان المغرب قد أذّن قبل نزولي بدقائق , استبدل الشارع نور الشمس بأنواره الصفراء المُبهجة .. مُضاف إليها أنوار المحلّات ولوحات الشركات والمطاعم , غير مصابيح السيارات التي كان يعُج بها الشارع حينئِذ. كان المرور متوسطاً من حيثُ السيارات والمارّة أيضاً.

وأمّا الشارع الذي أقطُن بإحدى عماراته , فيتميز بالهدوء والجمال والإتساع والأهمية , يصل ميدان الخلفاوي - بوابة شارع شبرا والزاوية الحمراء والمظلات وجسر البحر - بأبراج أغاخان التي تطُل على كورنيش النيل وتُحاذي مستشفى معهد ناصر وأبراج عثمان , يتميز بأناقة البناء وهدوءه , وتحرسه الأبراج من الناحيتين , وتزينه الأشجار من الرصيفين , وتعزز أهميته المَدرَسَتين  , يوجد به محلّات قطع غيار السيارات وأحد المطاعم المشهورة وحلواني مشهور وصيدليات ومراكز للأشعة , لم أحتاج وقتاً لكي أتحقق من وجود كل هذا وأدوّنه , وإنما القيت هذه النظرة التي ألقيها منذ  عشرين عاماً سكناً في هذا المنزل , وذهبت أتحسس اتجاه قدماي صوب مترو الأنفاق - محطة الخلفاوي.

عَبَرت شارع جسر البحر من ناحية شارع دولتيان ومررت بجانب مقهى الإسكندرية الذي لم يعتاد مروري بجانبه هكذا , فقد صرنا أصدقاء مؤخراً. قطعت السلالم جرياً وقطعت التذاكر وحَمَلني السلم الكهربي الأول إلى صاحبه ومنه قفزاً إلى داخل العربة التي كانت تنتظرني بالمحطة وتُرسل الإشارات والأصوات , لي.

أنبأَتني النظرة التي أرسلتها لعُمق المحطة قبل أن أستقر داخل العربة أن الساعة قد بلغت لتوها الخامسة والنصف مساءاً , حَمَلتني العربة التي كانت مزدحمة قليلاً إلى محطة الشهداء , التي كانت مزدحمة كثيراً. يهرع الناس للعودة إلى منازلهم بأعداد أكثر بالتناسب عكسياً مع الوقت المتبقي على بدء حظر التجوّل في شوارع مصر , لم يكن حظّي سيئاً كثيراً , فاليوم جُمعة , ولم تكُن تلك أكثر زحمة رأيتها في هذا النَفَق , فقد رأيت أكثر من ذلك بكثير , تعوَّدْت. خرجت واتجهت حيث أشارت العلامة الحمراء ( اتجاه حلوان ) , لم يكن الوضع مختلفاً كثيراً في المترو الآخر , بل إنني لا أتذكر .. كانت الزحمة مثلها  هُناك , والذي تغيّر هو العربة والنفق .. والناس.

صَعَدْتُ أخيراً من محطة سعد زغلول .. كان ورائي سوقاً كبيراً لبيع الفواكه والخضروات والسَمَك وأشياء أخرى لم ألحظها , لم يكن سوقاً لأكون أكثر دقة فقد كان شارعاً من قبل وكانت السيارات تمُر من هنا يوماً ما ! مشيت في شارع منصور بحيث كان على يميني أحد هيئات وزارة التنمية المحلية وبجانبها مصلحة الضرائب العقارية التابعة لوزارة المالية , وعلى يساري يقِف التاريخ , عند بيت الأمة , وكان هذا الشارع , بل تلك المنطقة كلها تحتوي الكثير من المبانِ الحكومية والهيئات والمجالس والوزارات وهلُمَّ جَرى.

ظللت سائراً حتى بدا أمامي سوراً من الكُتَل الخرسانية المُكعّبة بطول الشارع فيما عدا ما يسمح بمرور سيارة واحدة , أرسلت نظري أبعد فإذا بها وزارة الداخلية. أعطيتها يساري وانحنيت مع انحناءة الشارع باتجاه ميدن لاظوغلي , كان شارع مجلس الشعب , مجلس الأمة سابقاً , كُنتُ أعلم مُسبقاً أن مجلس الوزراء يقع في هذه المنطقة , أهو هذا البناء الضخم على يساري ؟ رُبما. حاذى سيري كُلّه باتجاه ميدان لاظوغلي سور أسود على يميني , ظننت أنه سور مجلس الشعب , وإلا لِمَ سُمي الشارع بهذا الإسم ؟ وإلا لماذا كان السور مرتفعاً بما لا يجعلني أرى ما كان يقبع وراءه ؟ وبينما أشُب كي أتبين وأتحقق .. رأيت القمر هلالاً مُنيراً وَسَط ظلام السماء. تُرى هل كان يضحَك ؟ هل ما جال بأعماقي من الأمل قد بُعِثَ من أعماقُه ؟ هل هو من هَمَس في أُذني حينذاك وأخبرني إن الشعب سيجلس ها هُنا يوماً - كما يُفتَرَض ؟

تَرَكت تأملاتي على أسوار مجلس الشعب .. تنتظر الشعب , وذَهّبْت. كان هذا الشارع أيضاً يتميز بالمبانِ الحكومية , حتى أتى ميدان لاظوغلي , نبَّهني جمال الميدان الذي يرتكز على شكل دائرة مركزها تمثال لم أستوضح لِمَن - ولابد أنه كان لِمَن سُمِيَ هذا الميدان باسمه! - وتحيطه الأشجار والمساحة الخضراء والأسوار .. كان المنظر جميلاً , وكان الوقت يمُر , أعطيته ظهري وأكملت سير .. في نفس الشارع , شارع مجلس الشعب - مجلس الأمة سابقاً.

كان الجانب الآخر من الشارع مختلفاً تماماً. وإذا قلنا أنَّ الشارع كان نظيفاً فإن أرصفته لم تكُن كذلك , كانت القمامة قد بدأت الظهور في المشهد , القمامة المٌلقاة على الرصيف والمتكأة على الأسوار المُتهالكة المُتسخة , وأمّا الشارع .. فكانت الأبنية تقوم على طراز واحد , هذا الطراز الذي اتخذته المباني الحكومية وبعض المباني المُحيطة بميدان التحرير ووَسَط البلد , تلك الأبنية الصفراء ذات الأسوار الخضراء والتي لا يوجد بها أي شئ غير ذلك. وانتَشرت بالشارع محلّات قطع غيار السيارات بصورة مُلفتة - لِمَ يُراقبني هذا النوع من المحلات دائماً ؟ - , وبعض السنترالات على استحياء. أكملت. وفيما أنا سائر إذا بالأنوار تَظهَر من جديد. الأنوار والناس والضوضاء الخفيفة. وقد بدأ طراز البناء أيضاً يتغيّر , فإذا بالبنايات الطويلة , والملوّنة! عَلِمت أنني قد وصلتُ لتوّي إلى منطقة السيدة زينب , لكن ما لبثت أن أرسلتُ تلك النظرة واستعدْتُها سريعاً لأسددها مجدداً .. ناحية اليسار. لا أعلم لماذا أذكُر اليسار كثيراً هذه المرة .. لم أقرر أن أكون يسارياً بعد !

نظرت يساراً وقرأت .. " ألبان وحلواني الكرنك " .. " الكرنك .. أصل القنبلة " .. " سوق الاثنين ". كان هذا عندما دخلت شارع محمد فريد. لم يقِل هذا الشارع سوءاً عمّا قبله .. بل زاد. في أول الشارع كانت عربات الباعة تستقر على جانبيّ الطريق بالفواكه والخضروات , وكانت الأنوار تطُل من فوق الرؤوس - كعادَة الأسواق في مصر - وخصوصاً لأنني موجوداً في هذه المنطقة المشهورة بالقُنبلة التي يأتيها الناس من أنحاء القاهرة سعياً. ولمَن لا يعرف القُنبلة .. فهي عبارة عن قطعة مستطيلة من البسبوسة فوقها قطعة مثلها من الكُنافة يحيط بهم الكاستر والأرز باللبن ويوضع من فوق هذا كُله قِطَع الموز والتُفاح الذين يتم تغطيتهم جميعاً بعصير المانجو والفراولة ولكي تستقر الأمور في هذه البلدة الصغيرة كان لابُد من وجود الحاكم ..  قطعة كبيرة من القشطة توضع فوق كل تلك الرؤوس ثم تُغلق العلبة السُداسية بإحكام. هذه هي القُنبلة التي اشتريتها .. وأكملتُ سير.

عُدتُ إلى الشارع الذي أصِف , ولم تكُن الشمس حاضرة لكي تُبرز لي باقي المساوئ التي أخفاها الظلام , ولم تكن الأنوار الصفراء والملونة ولوحات المحلات لتقوم بالفعل نفسه , وإنما ضافت على الشارع شيئاً من الجمال والسكينة. ظلّت عربات الفواكه والخضروات تتابعني إلى أن بدأت مرحلة أخرى من الشارع , وظَهَرَت المطاعم والمأكولات , ولم يقتصر الطعام والحلوى على المحلّات من الداخل بل امتدا إلى خارجها وإلى العربات على جوانب الشارع أيضاً , ناهيك عن المقاهي والمحال الأخرى والبقالة والمخبوزات , واستمر هذا الوضع إلى أن أتى التقاطُع .. تقاطُع شارع محمد فريد مع ميدان عابدين.

وهُنا بدأت مرحلة جديدة من شارع محمد فريد مختلفة تماماً عن سابقتاها , وهُنا عَلِمتُ أنني تركتُ منطقة السيدة زينب ودخلت في نظاق وَسَط البلد. نظرت يميني بينما أعبر التقاطع وأعجبني جمال المنطقة هناك , الأشجار , تخطيط الشوارع , تنظيم وطراز المباني , مبدان عابدين , وقصر عابدين. وعَبَرت. وعادت هُنا المباني العامة تظهر من جديد , وعاد طراز وَسَط البلد الذي أعرفه , وعادت النُسخة الثانية من ميدان طلعت حَرب .. وعاد التمثال الشامخ , المبتسم دائماً , الذي لا يكُف عن الأمَل , الذي لا يعلم عن أمر وطنية هذه الأيام شيئاً .. تلك الوطنية الزائفة , المُدَّعاة , تلك الوطنية التي استعاروا منها الإسم فقط .. زوراً وبُهتاناً .. لا يعلم عنها شيئ , أحد زعماء الوطنية المصرية الحقَّة. وألقيتُ نظرة على اللوحة تحت التمثال , وكان آخر ما وقعت عيني عليه قبل ما تقع قدماي في عُمق سلالم المترو .. محمد فريد ( 1868 - 1919 ).

لم تكُن رحلة العودة في المترو مختلفة كثيراً عن رحلة الذهاب , وإنما ما اختلف كان أنني ركبت هذه المرّة خطاً واحداً .. خط شبرا-المنيب , ولم أرتاد الخط الآخر .. خط المرج-حلوان.

مرَّ الوقت ولم أشعُر. أعلم أنني لابد أن أذهب وأكتُب قبل أن تتم الحادية عشرة مساءاً من يوم الجمعة. قررتُ أن أدفع الكَسَل والتفكير عديم الجدوَى وأستهض جسدي وأرتدي ملابسي المنزلية وأكتُب. كان العِشاء قد أذَّن قبل صعودي بدقائق , وظل الشارع يمتلئ بالحياة وسط أنواره الصفراء المُبهجة .. مضاف إليها أنوار المحلّات ولوحات الشركات والمطاعم , غير مصابيح السيارات التي كان يعُج بها الشارع حينئذ. كان المرور متوسطاً من حيث السيارات والمارّة أيضاً.

السبت، 2 نوفمبر 2013

ودع هريرة

ودّعْ هُريرة َ إنَّ الركبَ مرتحلُ .. ورُحلُهم مطرح ماتخانوا واتقتلوا

إلحَق ساندهُم .. العدد محدود
صفّين ديابة ويّا صفّ أسود
وإشهدلنا يا محمد المحمود

حارب معانا انتا شربت الدم .. وحَضنت كُل اللي وقعوا و اتسحلوا

حارب معانا المعركة الأولى
وشِيل معانا الجُثّة مقتولة
الصورة ساعِة الحرب معدولة

إعرف عدوّك لمّا تتقاتلوا .. وإعرف صديقك لمّا تحتاجلُه

حارب معانا المعركة التانية
شوف دم جيكا , وإحفَظُه , وصُمُّه
شوف عين شهيدَك جوّة عين اُمّه

إضرَب وقول الشَعب نور عينَك .. وإقتل هتاف الثورة وإعتَقِلُه

حارب معانا المعركة التالتة
حارب نشاذ الأغبيا بصوتَك
الفكرة مُمكن تكَلِّفَك موتَك
إنتا الوحيد .. اللي رِجلَك ثابتة

ودّع صُحاب الفكرة والذِكرى .. ورُحلُهم مطرح .. ماتخانوا .. واتقتلوا

مارينا 3

أَمِنْ أُمِّ أَوْفَى دِمْنَـةٌ لَمْ تَكَلَّـمِ .. أم طيب أكتب عن مارينا ولّا مريم ؟!

هَكتب لمريم بس مريم مين ؟
هعمل آلات الفِكر والتخمين
ومارينا تُطلُب والإجابة : أمين

ألا هُبّي بصِحنِك فاصبحينا .. والحقينا عشان بقالي كتير مبلّم

واوصفيلي الفرق وانا هحسب واهَندِس
أنا عاشق , أنا شاعِر مُهَندِس
قلبي فاجر , صار مهاجر , صار ملَحوس

وإلحقيني قبل لما الشمس تطلع .. واسرقيني أول امّا الليل يخيّم

والكلام خدنا حتى نسينا الأصل
والفُراق إمتى ييجي محلّه الوصل
روحِك في قسمي وروحي جوة الفصل

وأسقينا السعادة يا مارينا .. وإدّينا الجمال لمّا نِسَلِّم

وخلّيكي كدة متوقفيش
وبُكرة نلاقي إسمك عالأفيش
ويا مريم ياريت ماتزعليش

أمِن أم أوفى إلّا قولّي .. كُنت بكتب عن مارينا ولّا مريم ؟!