صباح النور عدو الضلمة، وصالنا بالكلام ابن الكلمة، المكتوبة بإيد كل عقل شب، المحسوسة بنبض كل قلب حب، وباسم الحب ببدأ قصتي وبستأنفها، أنا هيثم شومان.
زمان كنت بفكر كتير، وبسرح وبصنع حاجات جوة دماغي، بس مكنتش بعمل بيها حاجة، اخري كنت ارسم او اكتب عناوين افكار او ارغي مع اصحابي المجانين زيي، زي حازم صفوت كدة، لما كبرت شوية جالي هسهس الشعر في ليلة من ليالي الثانوية الليلاء، لبيته، وجالي بعدها بسنة في ليلة من ليالي اسكندرية الظلماء، لبيته، وشجعوني اصحاب زايد اني افتش عن الشاعر جوايا، وفتشت، واتعلقت في حبال نازلة من سما الأخ اللي لسة مش عارف قيمة وجوده في الحياة، وطالما انت هنا وبتقرا فتأكد انك هتعرفه، وقعدت اضرب يمين وشمال في حواديت الشعر، وقلت اعمل مدونة.
عملت مدونة اسمها "لوغاريتمات ( وأشياء أخرى .. )"، سجلت فيها مشاعر كتير معظمها كانت حزينة ومضطربة وحتى المدونة كانت سودة لونها اسود يعني وكنت حاطط صورة مكشر فيها، بعد كدة قلت لازم اغير بقى الموضوع ده فعملت مدونة اسمها "لوغاريتمات 2 ( النسخة السعيدة )" ودي طبعا كان لونها ابيض ومواضيعها كانت متفائلة وصورتي كانت بتضحك فيها، عايز اقول يعني ان اللون هو اللي فرق؟ ماعرفش. المهم بعدها بشوية لقيت ان أشعاري كترت فعملت مدونة اسمها "لوغاريتمات 3 ( النسخة الشعرية )" ودي كانت فرفوشة برضو لإني حطيت فيها القصايد اللي انا بحبها من أشعاري والقصايد اللي انا بحبها في الغالب بتبقى فرفوشة، بعدها بشوية لقيتني عايز ارجع ادون تاني فعملت مدونة اسمها "كيفيات"، ودي كانت من أروق الحاجات اللي عملتها، ماعرفش ده عشان عتبة تمبلر كانت جديدة عليا ولا عشان انا دماغي مع الوقت بقت أكثر تنظيما وروقانا، إنما لسوء الحظ بعدها بكام شهر مابقتش اعرف ادخل اكتب حاجة فيها.
كل الأحداث دي تزامنت مع أحداث تانية متعلقة بالشعر، الكلية، وأشياء أخرى طبعا. في الشعر جيت في اجازة 2013 قلت هسمع كلام ميمو واعمل كتاب انا كمان طالما انا عندي قصايد كتير وطالما موضوع الكتابة والنشر بقى سهل في الكام سنة الأخيرة يعني، قعدت على مشروع الكتاب لحد ما بقى كتاب في ايدي في اوائل نوفمبر 2013 وكان اسمه "سباق الزمان وحكايات شومان"، وريته لكل الناس وحضنوني واتصورت بيه وفرحنا وعملنا كل حاجة وكلهم طلبوا ياخدوا نسخة وبتاع، حاولت اكتر من مرة انشره بلا جدوى لأسباب ممكن نفصلها بعدين.
فضلت على عقدة الكتاب ده شوية وعملت عليه تعديلات ياما - على رأي يوسف - عشان يبقى اصغر في الحجم وأحسن في المحتوى والشكل وكانت آخر نسخة هي النسخة اللي صورتهالي مريم بدوي في يوم سينابون العظيم - انا بحب اليوم ده يا مريم شكرا - وطبعها معايا محمد مصطفى في أجازة 2014 الجميلة من أجل محاولة النشر تاني، وحاولت برضو كام مرة بلا جدوى.
المهم بعدها بشهور فكيت عقدة الكتاب ده خالص وقلت خلاص بقى انا هفجر الكتاب ده وهعمل كتاب تاني بما إني كمان كتبت حاجات اجدد واسلوبي بقى احسن فلازم اعمل شيفت واطلع بالتقيل بقى، اشتغلت عالكتاب ده في اوائل 2015 يمكن وخلصته في الأجازة اللي كانت في رمضان تقريبا وكان اسمه "مائة طريقة للغناء بحرية"، لكن الكتاب ده بقى ماحصلوش ولا محاولة نشر واحدة، ولا عرفه أصلا غير ناس قليلين شافوه معايا أو مع ناس صحابي، لإني ماحبتش انشر عنه عشان مشكلة الأكونتات.
مشكلة الأكونتات دي هي إن بقى عندي أكونتين أساسيين تماما بعد ما حولت من كلية هندسة لكلية سياسة واقتصاد في أكتوبر 2014، وطبعا من 2014 ل2015 الأكونت الجديد اتملى وبقى أساسي جدا في حياتي اليومية وبقى عليه ناس مهمة عندي - زي الأولاني - وده انا مكنتش عامل حسابه أوي لإني كنت عايز افضل عالأكونت القديم واضيف عليه الناس عادي، المهم ده اللي حصل يعني وانا كان هم من همومي اني اتراجع عن خطوة للتقسيم دي واعيش بشخصية واحدة واتفاعل مع كل الناس من بلكونة واحدة بدل الحيرة دي، قلت خلاص انا هشتغل على اكونت جديد جامع مانع وابقى انشر عليه موضوع الكتاب الجديد، وبالمناسبة ده تزامن مع رغبة في العودة للكتابة المنتظمة تاني، لإني لما أهملت الأكونت الأولاني وبقيت عالأكونت اللي محدش يعرف اني بكتب فيه، مابقاش بييجي على دماغي موضوع اني اكتب حاجة ده الا ما ندر، لإني كمان انشغلت بالتفوق في السنة الأولى وكان وقتي كله رايح والحمدلله راح في حاجة مفيدة وهي إني طلعت العاشر على الدفعة وأثبتت لنفسي حاجة مهمة. المهم، يعني تقدر تقول فترة الكلية الجديدة كلها كانت مسيطرة عليا فكرة اني مابكتبش وعايز ارجع اكتب، طب ارجع اكتب فين في أكونت من الاتنين ولا في مدونة من الاربعة، والموضوع وسع يعني وكان محتاج وقفة كبيرة اوي. الوقفة دي انا ناويلها زي مانتم عارفين من 2015 وكنت على وشك تنفيذها في اجازة 2016 لولا إني كنت مشغول في اجتماعات تحضير المدرسة الصيفية وبصيت لقيت الأجازة راحت، إنما راحت كذلك في حاجة مهمة أوي بالنسبة لي، رحت داخل في سنة تالتة، أو سنة الوحش، وما أدراك ما سنة تالتة، السنة دي انا ماعرفش هي عدت ازاي من غير حدث جلل زي التحويل أو التأجيل أو الهروب أو الانتحار، بس احب اقولكم ان كل الأفكار دي جاتلي اكتر من مرة خلال السنة بل إني شرعت في تنفيذ بعضها فعليا لولا أن هداني الله والناس، المهم سنة تالتة عدت بطولها وانا مفيش في دماغي حاجة أساسية أكتر من إن مسألة الأكونتات والمدونات دي لازم تخلص في الأجازة ويبقى عندي أكونت واحد ومدونة واحدة اكتب فيهم متى شئت، وبدل ما انشغل انا هكتب فين ولمين واقفل الدفاتر، انشغل في حاجات افيد، في المضمون وليس الشكل.
وإن حدثت الأحداث وماقدرتش أضيف أي قيمة جديدة، فانا حطيت هنا معظم الحاجات اللي كتبتها بقصد الكتابة ووجهتها للناس - وده عشان اخرج التعليقات والرسايل والبوستات التفاعلية وغيرها من حيز التعبير، وعشان اخرج كذلك الحاجات اللي كتبتها وماوجهتهاش للناس أو وجهتها لبعضهم دون بعض في ظروف معينة -، منهم التدوينات من المدونات السابق ذكرها، الفصحى والعامية، البليغة والركيكة، العامة والشخصية، بأخطائها، بسذاجاتها، بحماقاتها، بغراباتها، بانفعالاتها، بكل ما حملت من تعبير عن مرحلة عشتها، ومنهم القصائد اللي كتبتها في كل الأوقات منها المنشور ومنها الذي لم ينشر بعد،الجيد والسئ ، ومنهم مشاريع غير مكتملة زي أنا والثورة وفانتازيا الثورة، ومنهم كتابات عشوائية كتبتها وسجلتها أو نشرتها على فيسبوك، أو بوستات أردت توثيقها.
حد يسألني بس ليه ماختارتش كويس انا هنشر ايه ونشرت غالب الحاجات اللي ليها لازمة واللي مالهاش؟ اقوله ان انا كدة كدة كان عندي مدونات منشور عليها حاجات بس متقسمة، انا جمعتها، وان مفيش حد بدأ رحلته من النهاية، كل رحلة ليها خطوات بدائية، بداية التعرف على الطريق، الخطأ، الوقوع، تجربة المشي، الرجوع، كل حاجة ممكنة في الطريق ده، وعشان نبني على حاجة لازم نكون عارفين أولها، أساسها، أنا ليه كتبت؟ رجعت قريت تدويناتي الأولى وعرفت ان انا كنت بكتب حتى وانا مش عارف انا عايز اكتب ايه، مهتم جدا اني اكتب حتى لو معنديش غير حزن وحيرة مش مفهومة معظم الوقت، يمكن دلوقتي ومع الوقت ومع النظر للصورة الأكبر تتفهم، أنا ازاي كتبت؟ بدأت أألف الكلمات واربطها ازاي؟ ايه الفروق اللي حصلت بين 2012 و2017؟ المعنى.. كان عندي معنى ولا كنت بحاول أشكله، الكلام كان بيجري ورا المعنى ولا العكس؟ ابتذلت قد ايه؟ عرفت امتى؟ كل ده مش هيتعرف غير لو بصيت عالخط ومشيت معاه من غير قطوع، وكل ده انا بحسبله الحساب وبفتخر بيه من أول حرف لآخر حرف لإن الأول هو اللي وصّل للآخر. وبمشي في ذلك على خطى أبو الشعراء وفؤادهم فؤاد حداد لما قال:
"أقولك الحق واضرب لك مثل ساير
وان كنت ماعرفشي لا اخبي ولا اساير
من صغر سني وأنا صاحب مزاج ثاير
واكمني ثاير لا يمكن يا ألف بائي
تلاقي زيي على عهدك أليف باقي
واكمني ثاير بقول من فات قديمه تاه
لابد للحي يترحم على موتاه
واللي أتى بالجديد لولا القديم ما أتاه
يا أمتاه أنا ابنك عالأثر ساير"
زي أي شئ بقدم عليه، هحاول، هحاول احقق تطلعاتي الأولى والأخيرة والدائمة في إن كل كتاباتي تجتمع في مكان واحد، اضيفلها متى كتبت، تكون أرشيف أبصله بعين اليأس يردني بعين الأمل ويشجعني اكمل اللي بدأته وأتم اللي بنيته حتى لو اللي بنيته مكنش في المدن والبيوت، حتى لو اللي بنيته كان في الخيال، المكان الأكثر رحابة وحرية اني ابني فيه، اللي اوناش الحكومة مش هتهده ولا أراضي الجيوش هتحده ولا ظروف الواقع هترسمه ولا جيوب الناس هتقسمه، البُنَى الممتد في العقول والقلوب، اللي مهما جار الزمن مابيقعش.