ها أنا ذا. أعود لأربط عُقد حياتي بعضه إلى بعض. أعود لأصل بدايتي لنهايتي بلا انقطاع. أعود لأقول أنني ما انقطعت قط حتى لو ظننت. لأثبت نفسي قبل أن ينفيني الزمن من جديد وما أكثر ما يفعل هذا الزمن في الرجل المطمئن حتى يأخذ منه آخر شئ بقى له. وأنا لم يبق لي غير ذلك بعد ذهاب كل شئ.
سبق وأن سردت معاناة الأشهر الماضية بين الرغبة والعجز، الرغبة التي ظلت تشتعل حتى كادت تنفجر في داخلي وتحيلني ذرات متناثرة لا تملك من أمرها شئ. لا روح فيها ولا بينها اتصال. لكنني عزمت وتوكلت على الله. فجلست مجلس عزمت ألا أبرحه إلا وأنا قاضٍ ما أنا مُريده. وقد مر شهر منذ أخذت أجازة الصيف بعد آخر امتحان كتبت آخر جملة فيه: نقطة ومن أول السطر. وقد كان.
شهر. تركت فيه كل شئ وجلست إلى كلماتي أجمعها وإلى أغنياتي أسمعها. حتى اهتديت لما هو أمامكم الآن في هذه الحكايات الطويلة. التي جمعت فيها ما كتبت من شعر، ونثر، ما دوّنت من خاطرة وفكرة، ما جسدت من جد وهزل. وليس فقط. بل جمعت إلى كل ذلك مذكرات كتبتها في أيام وحدتي. لم أهتم أن يسمعها أحد ففتحت أذني لأسمعها وأشربها وأشعر بها.
ومنذ الآن أقول. لن يعجب أحد كل ما كتب هنا. فهنا هيثم بكل ما جمع ويجمع أي أحد من محاسن ومساوئ. مساوئ لن يقوّمها إلا بعد أن يعرفها وأنا في هذا المكان ما أردت إلا أن أعرف نفسي واُعرّفها لكل ذي نظر. أجعل للجميع قصتي التي لا أحب أن أكررها فأنا كثير الصمت. قصتي التي لو لم يقرأها أحد سأقرأها أنا مراراً وتكراراً، أقرأها وأعيد كتابتها كل مرة بشكلٍ مختلف. كل مرة بجمال جديد لم أره وحكمة جديدة لم أدركها ودرس جديد لم أتعلمه.
هنا حكاية المهندس والمعمار والشاعر والثرثار والمراهق والمجنون والمتردد والمتحدي والثوري والسياسي. هنا حكاية الإنسان. هيثم شومان.
فلنبدأ.

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق