تُحمَل إلى المُتَرَبِّع على عرش القلوب في كُرسيه , وسلامي على القصر ومن فيه , مختومة بخِتم الدولة التي بَنَت المجد بأحرُفٍ من ذَهَب , ولا أوصينَّك ببَعث كتابك التالي مع من ذَهَب , باسم الذي لا يضر مع اسمه شيئاً في الأرض ولا في السماء , عليك التحيّة والثناء.
أمّا بعد وقد عارت الأنهار إلى حيثُ تَجري , فَحَمَلت الفُلك وبَدّدت الطريق , لئن شكرتُ ربّي على هذا الصديق .. ليزيدنّني وصلاً لا يعرفُ الإفتراق , وحُبّاً بلغ آيات الإشتياق , وكلاماً له وقع السحر على الناس , هلا تدُلُنا على ذاك الوسواس ؟ يبني بيوتاً واسعة السَكَن قويّة الأعمدة , ويملأ بحوراً من الشِعر تَطَّلِعُ على الأفئدة , بل , لا تدُلُنا عليه يكفينا أثره على القلم , فقد علّمك الله ما لم نعلم .. لا تترك الأيامَ تذهب سدى , والسلام على من اتبع الهُدى واهتدى .
...
مهلاً أيها الرسول انتظر .. لم أقل كُل الكلام .. أخذتني أحاديث الوِد والسلام , ونسيت اللُب , ألا هُب , واحمل إليه البقية .. وعليك السلام والتحية
وبعد
فما بال العِشق الذي لا يأبى إلا حِصار القلوب والحواس , فتظل هائماً في بِقاع الأرض ومُبتعداً ومُرتحلاً وممتنعاً ولا تَبعُد فهي في العقل والقلب معاً .. تفتح عينيك وتصحو فتتذكر عينيها , هاتان الجوهرتان , تبلغ الشارع فلا تكاد تنظر إلى وجوه الناس حتى لا يغيب عن خيالِك وجهها , الفتّان .. تعبر من الأشجار ومنحنياتها والغزال القابع في غاباتها فتتذكر عودَها , غُصن البان .. تتعب من المسير فتستريح وتَشْتَمَّ زهرة فتتذكر عطرها , الأقحوان .. تعبث بِكَ الرياح وتأتيك شرقاً وغرباً فتتذكر شعرها المرسوم بأيدِ الفنّان , وتظل في وجدانِكَ أين جِئت .. وتطُل من نافذة الخيال متى أرادت .. وقد نَفَذَت الكلمات وفاضت .. واخبِرني إذاً فها أنا مُنتَظر .. أفِض , واستهِل ولا تختصر .. قائد ميمنتَك , ومُرافِق مَلحَمَتَك , شومان