الثلاثاء، 23 ديسمبر 2014

أنتظر الوحي - بشرطة

"أنتظرُ الوحيَ فيأتيني
من أجلِكَ؟ لا, بل لِيقيني
والوحي دا بيجيني تملّي
الوحي دا نصّه م الأقدار
والنصّ التاني على فنّي"
وانا في الغُربة بفضل اغنّي
طب مين يسمع ؟
وانا بكتب والشِعر تَجَنّي
طب مين يقرا ؟
اللي انا بكتبه بكتبه للناس
ولا الذكرى ؟
والشِعر بيطلع مـ الإحساس
ولّا الفكرة ؟
والزرع بيطلع بَعد الفاس
ولّا البذرة ؟
وكلامي اللي عاجبني يا إبني
مش شرط يكون عاجبك أبداً
بالأمس نُحب العزف معاً
, أكتُبُكَ اليوم , وأراك غداً
ستعيش أيا ولدي رغداً
وَتَموت وذِكرَك بالألسان
وسيحيا عودُكَ للألحان
فاتّبع الوحي الآتي الآن
وارمِ من قَلبِكَ ما يحمِل
واقلب وجهَكَ شطر المَرسى
ستجدني أنتَظِرُك , أكمِل
فيما لا يزهو عن خمسة!

الاثنين، 22 ديسمبر 2014

فانتازيا الثورة : الملحمة السابعة


لن تُصدقني عزيزي القارئ , أعذُرك , ولكنه حَدَث.

بدون أي مقدمات تُذكَر , كنت واقفاً - أو جالساً - في مكان ما في شارع بين السرايات الذي أصبح فارغاً فجأة , وكان يجلس معي جمعٌ من الشباب أمام بناية متهالكة لا تصلح أن تكون بيت العفريت في فيلم خيالي , هذه البناية متآكل نصفها من جهات مختلفة ويسكن في دورها الثاني البنك المركزي المصري ويقف من فوقها ومن تحتها بعض عساكر الجيش ومُهندسان أحدهما يعمل في يمين العمارة والآخر يعمل في يسار العمارة ولا تسألني ماذا يعملان بالضبط فوق العمارة هكذا. المهم يا رفيقي أنني فهمت من الأحداث أنه قد تم إزالة شيئاً مهمة من هذا الدور الثالث تبعه هذا التهالك الشديد - بنكاً مثلاً - وأن الناس الجالسون هؤلاء أكيد ليسوا مثلي أو مثلك قد جائوا لمشاهدة الفيلم الدرامي في العمارة المقابلة. تطورت الأحداث وإذا بالمهندسين لا يستطيعا القيام بأعباء العمل - التي لا أعلمها ولا رأيتها أبداً - وحدهم , فطلبوا من عسكري - أو ضابط - الجيش الواقف في الدور الذي فوقهماً أن يأتي لهما بمهندس ثالث صغير سيسد بالتأكيد حاجة العمارة , في الثانية التي تلتها فُردَت على العمارة اللافتة الكبيرة التي تطلُب المهندس الصغير , آه والله وصَدَّقت ساعتها. المهم يا صديقي العزيز أن الناس الجالسون الذين أخبرتك عنهم من قبل انتفضوا من أماكنهم متجهين إلى البناية - وقد تبيّن الآن أنهم ليسوا متفرجين الحمدلله ولكنّهم مهندسين صغار جاءوا يطلبوا الرزق بأغرب طريقة ومن أغرب مكان في العالم , ولكنني سأعذرهم الآن. نسيت أن أخبرك أنه قبل طلب هذا المهندس أعطى رجل الجيش للمهندس الذي يعمل في يمين العمارة - والذي يشبه جاريدو - 45 ألف جنيه في ورقة زرقاء , لن أكذب وأخبرك أنني لم أتعجب وقتها. تكاثر الناس في الثواني التالية لإعلان الوظيفة لا تعلم من أين أتوا ولا كيف علموا , ولكن الرجل الواقف أمام العمارة كان فاسداً فاختار من علمه أو من قال له شيئاً معين , فهاج الناس هياجاً شديداً كيف يختاره هكذا بهذه الطريقة الفاسدة ثم بدا لي أن الغضب تحول إلى تجمع صغير يكبر ويهتف ضد هذه العمارة الظالمة التي تركت كل المهندسين الآخرين في العراء واختارت واحداً فقط بالفساد. وعندما هتفوا وتجمعوا وبدَت بداية لمسيرة ضد نظام ال..أي حاجة الفاسد اضطربت الأجواء وظهر لي من اللاشئ صديقي محمد مصطفى! أتحسبني مثلاً سألته " انت بتعمل ايه هنا ؟! " لا والله ما سألته , بل ذُبنا في المشهد تماماً وأكملنا جري وسط الجموع لأنهم قالوا أن هناك قنبلة للغاز تطير ورائنا , وأحد الرفاق وجد واحدة في وسطنا , وعَلِمنا وقتها أن مركبات الجيش على بُعد أمتار واجهت المتظاهرين وها هي قنبلة أخرى تطير من فوق رؤوسنا , توترت وكان يجب أن أجد مهرباً بأي شكل! فأنا لا أطيق أن أكون أنا وهذا الغاز المُريع في هواءٍ واحد , ظللنا نجري أنا ومحمد حتى قال جُملةً لا تناسب أي شيئ " عايزين حمّام " .. لا أعلم لماذا اختار الحمّام ليكون ملاذه الآمن , كان من الممكن أن يقول " عايزين محل , شارع , تاكسي , .." أي شئ نستطيع من خلاله الهرب , ولكن ليكُن , وكنا في هذه اللحظة نجري في عرض الصحراء وقد تبدد الناس , ووجدنا أمامناً باباً يبدو لوساخته أنه حماماً فحمدنا الله ودخلنا , وفي غمرة رضانا بأننا هربنا منهم , دخل الحمّام مجموعة من عساكر الجيش وقد اكتشفنا للتو أنه حماماً تابعاً للقوات المسلحة , فأشار لي محمد بسرعة أن أتنكّر وبدا لي ماسكاً في يده بدلة عسكرية لا أعلم من أين أتى بها ينوي لبسها لكي لا يكتشفه العساكر , يا للعبط يا محمد! المهم أنني خلعت أول شئ كنت ألبسه والذي اعتقدت أنه سيعبر عني , أما الثاني الذي علَي - والذي يشبهه فلن يعبر بالطبع! ولكي أداري الفضيحة وقفت أمام المبولة أمسك في يدي هذا الرداء وأداريه كأني أفعل مثلهم أمام المبولة , ولكنّهم اكتشفوا أمرنا , ولا تسألني كيف جرينا من بين السرايات ووقعنا في فخ الجيش في مدينة نصر! أخذونا ومشّونا في المنشآت الكبيرة والطُرقات الطويلة إلى أن حبسونا في مكان واسع لا يشبه سجوننا , ثم جائنا عسكري يقول أننا سنجلس في هذا المكان ثلاثة أيام عقاباً ولكن سيُسمح لنا بالاتصال بأهلنا لطمأنتهم مثلاً. فرحنا بالحديث وجلسنا. بعدها سمعنا أخباراً أن السيسي سيأتي بعد قليل , بل جائني أحد الرجال وقال لي أنك ستكون ممن سيقابلون السيسي! كيف اختارني ؟ وهل أنا من الحظ العظيم لأكون ممن سيقابلونه ! وأنا المسجون! ظللت أفكر أنا ومحمد في هذا الكلام الغريب وماذا سأقول للناس الذين يعلمون كُرهي له ؟ ثم استغربت كيف سأقابل السيسي بعد دقائق ولم يتم تفتيش البنطلون الذي أرتديه ! وماذا سيكون الأمر لو كان في جيبي سلاحاً ! تأسفت حقاً! بعدها بقليل سألت عن سبب أنني سأقابل السيسي فأشاروا لي على السيسي وهو قادم من بعيد ومعه نساء من حقوق المرأة هم من أشاروا له نحوي , فَسَكَتّ. جائني بعدها المُصوّر - وهو نفس الرجل أو يشبهه - وطلب التصوير فقُلت له " مُمُكن "فصوّرني صورة مثل التي صورها لي عبدالرحمن الشامي من أسابيع قليلة وعلى نفس المسافة ولكن في طرقة مختلفة , ثم ظل هذا المصور والمصورة زميلته يصوروننا من زوايا وأوضاع مختلفة حتى ضحكنا من فرط الهبل وقُلنا لبعضنا البعض : " سيلفي السجن! " . كان محمد مصطفى يسألني ماذا سأفعل عندما سأكون أنا والسيسي وجهاً لوجه ؟ هل أستطيع أن أخبره أنه قاتل ؟ هل ستتكلم في قضايا الإصلاح ؟ وتسائلنا تساؤلات كثيرة عن هذا الوضع المقلوب الذي انغمست فيه بلا حول وماذا سيكون موقفي بعد ذلك. بعدها بقليل - وقد كنت واقفاً وسط الرتب والعساكر في انتظار الأخبار - قالوا أنه على وصول فأشار لي الضابط أن اصمت سيقولون التحية , وقد كانت تحية مثيرة للضحك تتكلم عن عمل الجيش المكتبي في القصر وكيف أنهم يدبّون بأرجلهم على الأرض فتُخرج الأرض ناراً وأشياء من هذا القبيل والهبيل , ضحكت في سري وتابعت. دخلت فرقة موسيقية طويييلة تعزف تحية الجمهورية للقائد ثم دخلت مجموعات عظيمة من الضباط والعساكر وفي وسطهم السيسي وقد شاب رأسه! رأسه الذي كان عاديّاً منذ قليل! يبتسم للناس في هدوء العجوز. بعدها جاء وقت الاجتماع وجلس السيسي بالبدلة العسكرية - مظهر 30 يونيو - وحوله الناس وجلست أمامه وحولي محمد ثم بدأنا الحديث وقد تغير الوضع , فصار السيسي جالساً على الكنبة على يساري وعلى يمينه محمد وأنا على الكنبة في المقدمة - من مشهد المُشاهد الذي هو أنا. دار الحديث طويلاً - دقيقة أو دقيقتين - أخبرناه فيها أنه لا ينفع أن تكون نسبة المشعارف إيه 17% فقط وأنها يجب أن تزيد. بعدها استأذنتُ من الاجتماع وتركت محمد وفي طريقي للمنزل كنت أضحك بيني وبين نفسي على الذي حدث وأقول ماذا سيفعلون عندما يعلموا أنني جلست مع السيسي وبيني وبينه أربعة أمتار ؟ ونويت وقتها أنني عندما سأذهب للبيت سأكتب منشوراً طويلاً مثل هذا لن يصدقه الناس , فكأنه حلم! وأنني سأرفع صورتي أنا ومحمد مصطفى ( سيلفي السجن ) لكي يتأكدوا مما حدث! ولكن بسرعة هائلة وجدت أن الخبر قد نُشِر : السيسي يقابل عدداً من الشباب. ومرفق بالخبر صور الشباب الذين قابلهم وفي مقدمتهم صورتي التي كُتب اسمي تحتها بالخطأ " مُمكن هيثم " كأنها كانت جُملة تقريرية : " ممكن هيثم يبيع " , أو سؤالاً : " ممكن هيثم يبيع ؟ " "وكانت هي تماماً صورتي الأخيرة لعبدالرحمن الشامي , وروّحت فوجَدت الزُمر ينشر الخبر ولا يصدق أن الهيثم الذي طالما نظّر وأشعر وهتف جلس منذ قليل في مقابل السفّاح.

وعندما فتحت عيني , أدركت أنه كان حلماً فعلاً! ولكنني تمسكت بكتابته كأنني لم أقم وبنفس الصيغة التي كنت سأكتبها في الحلم.

ولكنني - عزيزي القارئ - لا أريد أن أتركك في غياهب الأسئلة التي تعصف برأسك من بداية قرائتك إلى الآن , وسألتقط من القصة بعض المشاهد التي استعصت على فهمك لتكون بعدئذ متماشية مع بعضها البعض :

" وكنا في هذه اللحظة نجري في عرض الصحراء وقد تبدد الناس , وهبط من السماء حمّاماً مثل الذي طلبه مُحمد , فقد كان يُصدق الآن أكثر من أي وقت آخر في قانون الجذب الذي يجعل الكون يتضافر لتحقيق ما تُريد , أنّه قرأ كتاب " The Secret " قبل أن يأتي مباشرةً "

" فأشار لي محمد بسرعة أن أتنكّر وبدا لي ماسكاً في يده بدلة عسكرية هبطت عليه من سماء الحمّام يتأملها ينوي لبسها ولكنها لم تنزل على مقاسه ففُضِح الأمر! "

" لِهول المشهد تقاربت الأماكن , أو توقف الزمن , أو طِرنا على جناح طيّارة , أو نسينا الوقت ونحن نجري , فوصلنا من هنا إلى هناك! "

" بعدها استأذنتُ من الاجتماع وتركت محمد بنذالة لا مثيل لها , ولا أعرف طريقه حتى الآن , بل أنني لا أعرف لماذا استأذنت , ولكنني ألاحظ الآن بالإضافة إلى أنني لا أعرف مصير محمد , فأنا لا أعرف مصير المترو الذي أركبه , لأنه يطير في الفراغ ".

هكذا , عزيزي القارئ , استطاعت الفانتازيا أن تكون أكثر منطقية , أن تُصلح ما أفسده العَبَث.

***

فانتازيا الثورة : الملحمة السابعة
أو قصة اختفاء شابّين أطالا النظر في المرآة المقعرة 

الاثنين، 15 ديسمبر 2014

الف ليلة وليلة .. الليلة الأولى

حدّثنا حسين
عن عَم جميل
عن عبد المولى ابن النيل
عن صالح جُمعة وأكرم حرب
وجرجس حنّا عبد الرب
عن أشرف قالّك أنا والواد
إحسان الشامي جوز اخت عماد
ده في يوم كُنّا في طريق ماشيين
شايلين كوكايين وقابلنا كمين
في طريق الرَمل وراس التين
فوقِفنا وشافني ظابط وأمين
قال عَدّي يا باشا بكُل بشاشة
( سألوه فين صاحبَك لسّة مجاشا ؟ )
فقال ما هي ديّة بداية القِصّة
تعالَى يا بلية ورُص الرصّة
حكالي الشامي حكاية بَحر عروس البَحر وعَمَل ايه معاه
عن إنّه في يوم كان قاعد قبل
الفَجر يغنّي الليل وسماه
فجأة شاف ضي رهيب أعماه
والراديو الماسكُه فـ إيده رماه
زعّق قال مين
والرد أتاه :
آنا الجنّية الدهبي
( -ياه ؟!
- أقسم بالله!
- صَدَقت ياعم )
القَصد الراجل حَبَس الدَم
قال بس خلاص انا كدة رايح
ومَكَفّاش موت ; موت وفضايح
وده ليل إسود وده موج طايح
ودي عفريتة مالية الأركان
اقتربت منّه بعود عريان
قالّها
إحترسي ولا تقرّبي
خدي بعضك كدة
من هنا وإهربي
لاحسن في دماغي سَبَع شياطين
هيخلّوا نهارِك زي الطين
ياخدوكي جالوت يجيبوكي حطّين
وإن كُنت هَموت فهموت واقف
فاكراني خايف؟ لأ مش خايف!
وإن كُنت جبان
دانا قاسي القلب بهِش ناموس
وكمان دِبّان
إوعَى يكون غرِّك إني حزين
وبتاع أشجان
أنا أيوة بَغَنّي لسِت الناس
والغُنا ألوان
وبحب اللون الأصفر لكن
صافي القلب
ربنا يكفيني شر الناس
وولاد الكلب
ده انا مرة ....
راحة فين استني!
ده انا لسّة هحكيلِك عنّي
بصيت فوق البَحر لقيتها
طايرة مع السِت
وبتغَنّي

حديث عتريس (1)

أنا كُنت لوحدي على السكة .. مش عارف إيه اللي رماني

ولَقيت نفسي في يوم أبيض
وسط الجِدعان

وأنا كُنت إيه في الكون من قبل
ماكون إنسان ؟

وانا قاعد وحدي على الدكّة
عطشان وجَعان

والشمس جميلة وعَجباني .. والدكّة طويلة وتَعباني

وعرِفت الحِكمة في قعدتي هِنا
علشان أتوبيس!

أهو جاي هناك فارد طوله
ولا أحلى عريس!

في بلادنا اللي بيخدَع أكتر
ده بيبقى رئيس!

وركِبت وقُلت أهو السوّاق .. راح يغفَل عنّي وينساني ~

وقَعَدْت على الشبّاك مبسوط
بختار حتّة

جاني الكُمسَري ورماني يا عيني
عشان جتّة!

لفيت بجسمي عدد لفّات ..
خمسة في ستّة!

وقعدْت لحالي اندِب حالي .. ولا غير الآهة على لساني

واسأل ولا حَد يجيب بقى فيه
كدة في الدُنيا ؟

إستَنَّى يا حَج انا فين والنبي!
" آخر الدُنيا! "

غلبان مش لاقي مكان في بلاد
قَد الدُنـــــيا !

ورجِعت قَعَدْت على الدِكّة .. زي الأولى في مكان تاني

وكإن الدِكّة دي مكتوبة
في لوح مَحفوظ!

الغَني يغتِني والشَقي يشقَى
والدُنيا حظوظ

وكإنك لو ماتعبتش يوم
الكون هيبوظ!

والناس تمشي والناس تيجي .. وانا لسّة قاعد في مكاني

أنا قاعد هنا وسط العالم
أكتب في أغاني

الناس بتْكَفّي بَقيت الناس
والرَب كَفاني

وعشان اتعَلِّم من حِكمته
صابني وشَفاني!

مش كان الصَبر يفيد يا ولاد .. بدل الأوزان والألحانِ ؟

ده مُوَشّح مَصري إن كان غير كدة
أنا مش مسئول!

ده حديث عتريس هيغيب ويعود
طب وده معقول ؟

وانا شاعر حُر أحِب أأكِد
كُل ماقول ~

أنا كُنت لوحدي على السكّة .. بسأل إيه جابني وودّاني
الناس رَمِتني على الدِكّة .. والرب لَقَف أمّا رماني

الأحد، 14 ديسمبر 2014

بوست النهايات العظمى للمشاعر

ازيكُم يا أصدقاء الخير ؟

من شوية كدة وانا بفكر في الأهلي , افتكرت البطولة الأخيرة , وافتكرت الفرحة اللي بفرحها مع كل مكسب , والحزن مع كل خسارة , والموضوع تطور فبدأت افكر في أكتر اللحظات اللي فرحت فيها في حياتي ( اللي انا فاكرها ) , وأكتر اللحظات التانية اللي حزنت فيها , فَدَه النُسخة المتطورة من الفكرة دي كمان , ولنُسمّي البوست ده مثلاً : أكتر حاجات , مع مراعاة عدم الترتيب ( أي حاجة هتيجي في دماغي هكتبها ) و إن كل الحاجات هتكون في السنين الأخيرة ( حدود الذاكرة ) مع إهمال طبعاً الحاجات اللي انا مش فاكرها اصلاً , ويمكن ده يوحي بعدم أهميتها في الأساس؟ دعونا من الفلسفة ويللا نشوف.

أكتر لحظات الفرحة :

- جون عماد متعب في الدقيقة الأخيرة في نهائي الكونفيدرالية , الجون ده كان قبليه كمية يأس وتَرَجّي غير طبيعية في المدرج , كل الناس كانت - حرفياً - بتقول يارب كل واحد مع ذاته كدة , مصطفى أحمد كان على يميني وأنس مجاهد كان على شمالي , وأنا عارف انهم أهلاويين أكتر مني , فأي كلمة ممكن اقولها مش هتقدر تعوضهم عن إن الأهلي بيخسر , يمكن كان جزء كبير من زعلي مُستمد من زعل الناس اللي حواليا عامةً , والناس اللي حواليا اللي اعرفهم خاصةً , مش قادر انسى مثلاً فرحة مصطفى احمد لإن هو أول واحد كان قدامي بعد الجون , مقدرتش اتجه ناحية أنس اشوفه لإن المدرج كله كان بيتهز , وكنت هقع تحت الكراسي لولا ربنا ستر , ومش عارف إذا كنت بصيت ناحية أنس وماشفتوش؟ كان بيتشقلب في حتة تانية معرفهاش؟ برضو اللي بيشوف فرحة الجمهور على التليفيزيون غير اللي بيشوفها عالحقيقة , فرحان لفرحة أنس ونرويجي ورشدي وحماد , فرحان لفرحة الأهلي:)

- جون عماد متعب في ماتش الجزائر , ده كنت في البيت عادي بس كان الحشد المعنوي للماتش ده انا فاكر مكنش طبيعي , نطيت من فوق الكنبة وكنت هوصل للسقف من فرط الفرحة.

- مكسب الأهلي في البطولات أو في الماتشات المهمة في السنين الأخيرة , دي جزء كبير منها كان عالقهاوي وكنت بمارس فيها القفزة المذكورة فوق , تعالوا نسميها قفزة الفرحة , فرحة الأهلي أنا فاكرها أكتر من فرحة المنتخب , أفتكر اني مكنتش متابع المنتخب كويس , بس الأهلي؟ عيب.

- انتصار الثورة الليبية على الطاغية القذافي.

- حفلة بلاك تيما 2012 مع معز وفوزي وبنداري ووليد وطلعت وناس كتير.

- حفلة فنون جميلة ( المغنى خانة - رامي عصام ) 2012 مع اسلام محمد واسلام شفيق ووليد برضو واحمد عادل يمكن.

- يوم الحكم في قضية بورسعيد 26 يناير 2013 ( اللحظات ما بعد النطق بالحكم أمام بوابة النادي الأهلي )

أكتر لحظات الحُزن :

- حرب غزة 2009

- يوم مذبحة العباسية.

- لما عمتي ماتت.

- لما جدو مات.

- لما أي حد في البيت يتعب.

- لما بحس إني لوحدي.

- لما السياسة كانت بتفرق الأصدقاء.

- لما عرفت إن وجودي زي عدمه عند ناس بقدرهم.

- يوم الشهيد محمد رضا.

- جنازة الشهيد محمود عبدالحكيم.

- وفاة مريمة.

- وفاة رضوى عاشور.

أكتر لحظات الغضب :

- مذبحة فض اعتصام أهالي الشهداء 19 نوفمبر 2011

- ليلة الـ74 شهيد

- مذابح الثورة السورية

- صعود مُرسي وشفيق

- لما كنت هموت من الغاز في ميدان التحرير 25 يناير 2013

- مذبحة الشيعة ( يونيو 2013 )

- خطاب الشرعية ( مرسي 2013 )

- لما الشوارع كلها كانت مقفولة واضطريت اعدي من ميدان رابعة وسمعت المنصة ( يوليو 2013 )

- لما كانت الشوارع بتقفل عليا وانا في حظر التجول بعد الانقلاب , كنت اقعد اسب الدين في سري لحد مارجع البيت.

- لما المترو كان بيتحفنا كل يوم بأغاني شادية ( أصله معداش على مصر ) كل يوم الصبح في العربيات اللي مليانة ناس قرفانة وملزقة وبتتخانق والشوارع اللي مليانة عسكر شموا نفسهم ودبابات مستعدة تدوس عالناس , وداست في الآخر , عدي على مصر بقى يا روح امك.

- لما ماما كلمتني والشرطة بتضرب على الكلية يوم محمد رضا وهي تقولي حاول تخرج!

- لما كان السيسي بيختار أيام الثورة ينزّل مؤيدينه فيها ( يوم محمد محمود لتأييد السيسي كدة وخلاص! , ويوم ذكرى الثورة لمطالبة الخرة بالترشح , حبكت يابن الكلب! ) ومش كدة وبس , والثوار أصحاب الذكرى لو نزلوا يجروا وراهم ويضربوهم بالنار , عامةً أي حاجة كانت بتكشف النظام بالوجه القبيح كدة كانت بتغيظني جداً , بتغيظني مش عشان كدة بس , عشان النظام كان في كل مرّة بيخلّي إعلامه يتمادى في التزييف والكذب , لدرجة إنه بيفصل أبوك وأمك عن الواقع , ويخليهم يبصولك باستغراب أوي كإنك جاي من عالم الأحلام , إيه ده , قتل إيه يابني اللي بتقول عليه , ما الدنيا ماشية اهي وزي الفل , فين الكلام ده ؟ محمد رضا مات .. هو إخوان؟ وقيس على كدة أي حوار أو كذبة ودني بتلقطها من الجهاز ابن الأحبة اللي اسمه تليفيزيون عندنا ده , من وائل الإبراشي اللي جاب خبير يثبت إن الرصاصة اللي قتلت رضا كانت من جوة مش من برة , لخيري رمضان اللي بيحب مصر أوي ماتفهمش هو بيتكلم على إيه بس هو بيحب مصر أوي! , ختامه مسك بأحمد موسى اللي أتحفنا بفرحته وفرحه يوم براءة مبارك , وكإنهم مش بس بيفشخونا في الشوارع , لأ , دول بيستنونا في البيوت عشان يفشخونا تاني , نهرب منهم ازاي؟ ننام , طب لو معرفناش ننام من صوتهم العالي؟ ننتحر.

- يوم فوز عبدالفتاح السيسي برئاسة مصر , العرّة!

- لما شفت فيديو داعش في سيناء.

- لما بشوف مصطفى بكري بغضب لوحدي كدة من غير ما يتكلم حتى.

- يوم براءة مبارك , يومها هتفت من الغضب لدرجة إن صوتي راح اسبوع وشوية بعدها.

أكتر لحظات الشجاعة :

- يوم ما قررت أروح الكلية من رمسيس للشيخ زايد مشي , الحقيقة إني كنت بتأخر على الباص الصبح , بس في يوم اتأخرت وأول لما رُحت لقيت الباص بيمشي , اسيبُه؟! أديك قُلت , فضلت وراه في رمسيس لحد ما تاه عني , قلت الكوبري هيتزحم وهلحقه , طلعت الكوبري ونزلت الكوبري وهو مش هنا , اتزنقت انا في حتة معرفهاش , حاولت اوقف اي حاجة راحة اكتوبر معرفتش , وطبعاً مش هرجع رمسيس! مش هضيع وقت بقى! فكملت مشي لحد ما لقيت اتوبيس شبه اتوبيسنا رايح جامعة خاصة في اكتوبر بعد ميدان لبنان , ركّبني الحمدلله لحد ما وصلت الكلية وفوّت المحاضرة وفضلت طول اليوم أحكي قصة كفاحي مع الأتوبيس , قصة تتوارثها الأجيال مثالاً على بذل العرق والسعي وراء الهدف.

- لما كنت بنزل اتمشى في الشارع بالليل اوقات الحظر واعدي من جنب الدبابة أو بين الظبّاط وبعضهم كدة.

- لما كنت بحاول ابعد عساكر الداخلية عن الكلية يوم محمد رضا , ساعتها أحمد يحيى طار عليا عشان يبعدني من قدامهم , أنا من ساعتها معرفش انا رحت فين بعد اللحظة دي! وديتني فين يا يحيى! أول حاجة افتكرها بعد اللحظة دي هي بعدها بنص ساعة في العيادة لما عرفت إن معز اتصاب.

- بعدها أي حاجة تقريباً كنت بطلع اقف قدام فيها لا إرادي خوفاً على الناس , بس طبعاً الغاز ممكن يجرّيني من مصر لليبيا عادي جداً.

- لما كنا واقفين اقل من 100 واحد عند طلعت حرب كل ما نتضرب ونجري نرجع تاني.

أكتر لحظات الغم :

- يوم ما مصر خسرت من غانا 6 ! ( كي لا ننسى )

- خسارات مصر المتوالية قدام فرق صغيرة.

- خسارات الأهلي.

- لحظات فوز السيسي.

أكتر لحظات المشاعر المتناقضة :

- يوم نتيجتي في الثانوية العامة , اللي هو انتَ مش مستوعب الرقم اللي جالك ومش عارف حتى تفرح زي الناس اللي حواليك , عارف لما وشك يحمر وماتبقاش عارف تقول ايه؟ هو ده.

- يوم ما التنسيق جه ومجاتليش بترول وكنت زعلان انها ماجاتليش وجاتلي هندسة.

- يوم فوز مُرسي , كنت فرحان ان شفيق خسر ونزلت الميدان مع المحتفلين , اللي بدد فرحتي شوية ان جزمتي ضاعت في جامع عمر مكرم , وفضلت بتاع ساعة الا ربع مزنوق في الجامع لحد ما لقيتها ورا الباب!

- لما اتفاجئت من كمية الفلول اللي في كل مكان يوم 30 يونيو وما بعد.

- ساعةِ عزل مُرسي , ساعتها كنت فرحان , وسط البلد كلها كانت بتتشال وتتهبد من فرحة الناس , خرجت من الميدان وكلمت ماما قلتلها عرفتي احنا بنعمل كدة ليه يا ماما ؟ عشان مصر .. أخيراً هنجيب حقوق الشهداء .. ودموعي انهمرت ومشيت في الشارع وانا بعيط ماتعرفش انا فرحان ولا زعلان ولا حاجة جوايا حست باللي جاي.

- الكام شهر بين إسقاط الإخوان ومذابح العسكر , اللي هي ممكن نسميها لحظات انكشاف الحقيقة أو سقوط القناع.

أكتر لحظات الحماسة :

- مظاهرة طلاب إعدادي زايد 2016 ضد حُكم العسكر يوم الثلاثاء 22 نوفمبر 2011.

- مسيرة القصر العيني المهولة على مشارف ميدان التحرير في نفس اليوم.

- شهور الثورة على العسكر بأغانيها بحفلاتها بهتافاتها بأشعارها ( أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر - يناير - فبراير - مارس - ابريل - مايو )

- دخول ميدان التحرير 25 يناير 2012 " الشعب يريد إسقاط النظام "

- مسيرات الألتراس الضخمة.

- محمد محمود 2 والإعلان الدستوري ( نوفمبر 2013 ).

- حفلات كايروكي.

- مسيرة 6 ابريل 2013

- مسيرة كوبري القبة يوم 30 يونيو " يسقط كل من خان "

- مسيرة في وسط البلد من 20 فرد بيهتفوا بسقوط حكم العسكر في أغسطس 2013

- لحظة دخول ميدان التحرير يوم 18 نوفمبر 2013 ( يوم تحطيم النصب التذكاري )

- وقفة مجلس الشورى 26 نوفمبر 2013 وماتبعها في طلعت حرب

- مسيرات جبهة طريق الثورة الطويلة في وسط البلد " الشارع لنا " ( اكتوبر ونوفمبر 2013 )

- مسيرة الجامعة بعد مقتل الطالب محمد رضا.

- لحظة انطلاق مسيرة نقابة الصحفيين 25 يناير 2014 " الشعب يريد إسقاط النظام " وبعدها على طول الضرب.

- تجمع الوايت نايتس في شبرا وغناء ( شمس الحرية ) على مرأى الداخلية اللي مكذبتش خبر وجرّت الشباب شوارع بحالها وطلقت البلطجية عالناس في كل مكان , وتجمعهم بعدها في الكورنيش واحتلال ميدان الخلفاوي لوقف سير عربيات الشرطة اللي جاتلنا مشي وفي ايديها الخرطوش وجرّت الشباب شوارع أطول من اللي قبلها , اُعتقل في اليوم ده كتير عشان غنّوا الحرية , أجمل غنوة في الوجود.

- اللحظات الأولى من تجمع الثوار في عبدالمنعم رياض وتوجههم للتحرير بعد براءة مبارك " الشعب يريد إسقاط النظام "

أكتر لحظات الانبهار :

- لما كان بنداري بيكتبلي وانا كنت بكتبله , إحساس اللحظة نفسه مايتنسيش , وكل مارجع أقرا " لوغاريتمات واحد بشرطة " تعجبني كإنها أول مرة!

- لما بسمع قصيدة صباح الثورة لبنداري.

- لما بدخل على موقع Stumbleupon

- لما بدخل على موقع DailyZenList

- لما كيشو بيكتب حاجة طويلة.

- لما كنت بقرا ( قواعد العشق الأربعون ) لإليف شافاق وخلصتها في مدة قصيرة.

- كتاب ( النبي ) لجبران خليل جبران.

- مسلسل Breaking Bad

- أغاني أم كلثوم ( ألف ليلة وليلة - سيرة الحب - الأطلال - حيرت قلبي - أغداً ألقاك - أمل حياتي )

- أغنية ( سيرة الأراجوز )

- فيلم V

- سور في القرآن لما بقرأها أول مرة

- لما كملت ( على بوابة سوريا ) , بعرف اني كتبت حاجة حلوة لما بقراها كتير ومش بزهق.

- لما كتبت ( لوحات جوة كتاب العُمر )

- بعض القصائد الأخرى.

- بعض الكتابات النثرية الطويلة.

- أجزاء من حلقات أسعد الله مسائكم.

- تدوينة بنداري الأسطورية ( رغم القساوة في منظرك )

- بعض أغاني إيمينم و50 سنت.

- لما قرأت ( طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد ) للكواكبي.

- الماكيت السريالي بتاعي ( أول حاجة اعملها في عمارة )

أكتر لحظات النشوة :

- لما كُنت برُد على بنداري قصيدة بقصيدة.

- لما كنت بكتب حاجة وتعجبني وانشرها.

- يوم بنداري وحوكا في جروبي.

- يوم قهوة الحاكم والكلام عن الحُب.

- يوم المُعز.

- يوم ما كُنا كتير وجرينا على كوبري من الحسين للعتبة ( تقريبا نفس يوم الحاكم ).

- يوم حفلة بلاك تيما طبعاً.

- يوم كتاب بنداري اللي اديتهوله بعد فرحة فوز الأهلي.

- يوم اسماعيل وزمر وكيشو في البستان.

- يوم كيشو ومحمد أسامة وجولة القاهرة الكُبرى.

- يوم ضياء وعبدالرحمن أسامة ومحمد عزت في الدقي والزمالك.

- أيام لعب الكورة.

- أيام تانية.

- لما بمسك كتابي بإيدي.

- لما بخلص جُزء من المذكرات.

- لما برجع مبسوط وفي دماغي أفكار.

- لما بنزل أشتري كتاب.

- لما بتفاعل مع الأغاني لدرجة إنها بتخليني أكتب.

أكتر ناس بتيجي على بالي وببتسم :

هشام أحمد - وليد نادر - إلهامي - محمد مصطفى - كيشو - الزمر - حسام - أحمد البدوي - ياسر - مصطفى احمد - محمد رشدي - مروان - أحمد أسامة - عبدالرحمن أسامة - محمد أسامة - عبدالرحمن صالح - عبدالوارث - بنداري - حوكا - اسلام شفيق - اسلام محمد - حازم صفوت - مصطفى عمّار - محمد عفّت - محمد بكر

أنا طوّلت أوي المرة دي:) يللا تصبحوا على خير;)

الأربعاء، 10 ديسمبر 2014

فانتازيا الثورة : الملحمة السادسة

*يظهر من بعيد صوت يعلو شيئاً فشيئاً ليدخُل عالَمه من باب الأُذن قبل فتح أبواب العين*
0- متباعة متباعة..
باالاادي
0- اصحوا يا جمااعة
باالادي
*ينتبه*
1- فيه ايه ؟
2- لا دول بيهتفوا نام انتَ مفيش حاجة.
1- قشطة.
*يغرق في النوم وقد عَلِم أنه ليس ضرورياً أن يستيقظ الآن ولا حاجة*
*بعد دقائق*
*يخترق الصوت أذنه من جديد*
0- متباعة لمين؟!
باالااادي
0- اصحوا يا نايميين!
باالا...*يقطع شراييه وتخفُت الأصوات وينتهي في صمت*
***
*بعد اسبوع - مستشفى القصر العيني*
*يشعر كأنما فارق العالَم مائة عام , تصل إلى سماعه أصوات متداخلة لبشر وأجهزة , يحرّك حدقته دون أن يفتح عينيه خوفاً من هول المشهد , ثم يفتح شيئاً فشيئاً*
3- فتّح !
4- فتّح !
5- فتّح يا دكتور !
2- حمدالله عالسلامة يا مصري , كدة تقلقنا عليك! حد يعمل كدة برضو!
6- خلاص يا جماعة مصري بقى زي الفل وممكن يخرج بكرة.
3- بجد يا دكتور؟!
6- إن شاء الله , ولا إيه يا مصري؟
*يتكاسل*
1- إن شاء الله يا دكتور.
***
*بعد يوم - سرير المُستشفى*
*يفتح عينه على هدير كبير يأتي من الشارع ويدخل له عبر النافذة*
*يصيخ السمع ليتبيّن الأمر*
" قوم يا مصري مصر دايماً بتناديك .. خُد بنصري نصري دين واجب عليك "
*يشعر بأن الطاقة عادت لجسده من جديد*
*ينتبه فيجد صوت سيد درويش وقد اختلط بصوت الناس*
*لا يفهم*
***
*بعد دقائق - شارع القصر العيني*
*ينظُر مصري فيجد الجموع وقد سدّت شارع القصر العيني أولها لا يراه وآخرها تتجاوزه بقليل , باتجاه ميدان التحرير*
*يُردد الناس : قوم يا مصري , مع صوت سيد درويش الذي يأتي من شرفة أحد الجيران في الشارع وقد علّاه على آخره ليُلهب حماس الثوّار*
*يقول : لبّيت النداء*
*يسير مع الجموع ويتجاوزهم إلى الأمام كلّما غنّى فنان الشعب*
" يوم ما سعدي راح هدر قدام عينيك
عد لي مجدي اللي ضيعته بإيديك "
*يتقدّم الثوار*
" شوف جدودك في قبورهم ليل نهار
من جمودك كل عظمة بتستجار "
*يتقدّم*
" فين آثارك ياللى دنست الآثار
دول فاتوا لك مجد وانت فوت عار "
*جحافل الشُرطة والجيش والقوات الخاصة تُغلق الميدان والثوّار تقترب*
" شفت اي بلاد يا مصري في الجمال
تيجي زي بلادك اللي ترابها مال "
*كلما تقدم الناس , زاد الحماس , وعلا الصوت حتى غلب صوت الأغنية*
*يستمر مصري في التقدّم ليُصبح فجأة في مقدمة الثوار جميعاً , أمام الجيش مُباشرةً*
*يُلقى نظرة على جنود الجيش وفوّهات الأسلحة المشهورة , تتبعها نظرة أخيرة إلى الجموع القادمين من خلفه , تختمهم جميعاً نظرة إلى صدره العاري وقد اخترقه الرصاص بعد إصدار الأمر , ينظر إلى ميدان التحرير , ثم يقع وينظر إلى السماء , يسكُت صوت الثوّار لحظة قبل التقدم , لحظة استمع فيها مصري إلى كلمات الشيخ الآتية من بعيد*
" مصر جنة طول ما فيها انت يا نيل
عمر إبنك لم يعيش أبدا ذليل "
*يموت*
***
* فانتازيا الثورة : المَلحَمة السادسة *

الاثنين، 8 ديسمبر 2014

الرسالة الثامنة

ذهبت بي يا أخي عواصف الدُنيا فَبِت مُشتت القَلب مُفَرّق الصَحب طائر اللُب لا أنظر إلا وهدفي بعيدٌ جداً لا أراه بل ولا أعلمه , أين أنت منّي الآن وقد مدّت الحياه خطاً طويلاً بيننا , هل تراني آخُذ الأشياء كما لو أنها عاديّة أو مُستساغة في دورة الأيام ؟ والله لإني لن أصادق أحداُ مثلك ما حييت , ابقَ يا ولدي ولا تذهب هذا البُعد , أأقولها لك أم الأجدر أن أقولها لنفسي ؟ وهل تحسبني أفرّق بيننا يا أخ ؟ لقد أخطأت الظن إذا , أخطأت إذ لم تعلم كم أنت هاهُنا في لُباب القلب , وهل ترى ؟ هذا ليس عيباً فيك , بل إنه لن يشعر به إلا صاحبه , لا يشعر بقسوة الحُب إلا صاحبه يا صاحبي , الحُب يربط بين القلوب برابطٍ غير مرئي , قاسٍ كالحديد , هل تستطيع شَد حبلاً من الحديد مُنسلخ في فؤادك ؟ تكذب إن قُلت نعم , هكذا كلما أبعدتك الدُنيا عمّن تُحب شَدّت هذا الحبل , جَرَحت في قلبك , بل ربما تقسو الحياة فتنتزع منه أجزاءاً فتصبح بعد التجربة فارغ الشعور , لأن هذا المكان - بالتحديد - كان لفُلان الذي أخذه وذهب , وما هذا إلا هذيان الليل يا صاحبي , رفقاً بنفسك , لست سيئاً إلى هذه الدرجة , فبالصباح أتَقَنّع الشخص الجميل , الجديد , الباسم في وجه الناس , المُحب للحياة , الناصح بالتفاؤل , إلى أن يهطُل علَي الليل , وما أدراك ما الليل يا أخي , في الليل أشعر كم أنا وحيدٌ ومُجَرّد ومَرمي في صحراء البَشَر بلا أهمية ولا رابطة , من ظننتهم سينظرون في أمري انصرفوا عنّي ونسوني في غياهب الأيام , كأنني لم أكن يا صديقي العزيز , وهذه هي الخدعة المُرّة التي يتلقّاها كل من يرحل , جرّبها أمامي أكثر من أحد , وكنت أسأل : كيف للناس أن يفقدوا وجود الناس من حياتهم هكذا دون أدنى مقاومة ؟ هل ترى ؟ اليوم عَلِمت.

الثلاثاء، 2 ديسمبر 2014

تأملات (4) : الذكرى والثورة والأمل

كأن السماء تتفق على مشاغلتي الآن فتُرسل لي المطر والثوّار والهتافات والغاز والأفكار والمشاعر الحزينة. ماتت رضوى , ومات نجم , واقترب يناير ولازلت هاهُنا أعبث بالوقت وأتأمل في تفاصيل الفراغ. سنة مرّت وأنا أكتب هذه المُذكّرات المُرهِقة , المؤلمة. سنة مرّت وأنا أحمل فوق رأسي هم كتابة تاريخ الأيام الذي يُمحى بأصوات الفسدة التي يطنّون بها في آذان الشعوب , ولكننا نحن , والله لن ننسى.

كتبتها في أواخر ديسمبر من عام 2013 , كتبتها لأبيّن حقيقة أمري من الثورة والبلد والأحداث وتراكم الوعي وحقيقة الغضب المتزايد تجاه الأمور. السطحيون لا يرون إلا ما يسبح أمام أعينهم , لا يألون جهداً في تبيّن الأمور وربطها , في تأمل الأسباب والنتائج , يتكاسلون عن التفكير والمتابعة ولا تجدهم إلا ويسألونك بكل تساهُل واستغراب : “ عايزين إيه يعني ؟ ” , وكأنهم لا يعيشون معنا على نفس الأرض.

كتبتها وأنا أمنّي النفس بالإنتهاء قبل الخامس والعشرين من يناير 2014 , قبل احتمال الهلاك في كل مرة أحمل فيها روحي على راحتي وأمضي إلى الشارع بحثاً عن الحُريّة والوطن , وألهو بها أمام الأسلحة التي لا تصبر على القتل , كأنها تتغذّى على الأرواح الحُرة , البريئة من الذنوب , الأرواح التي تستحق الحياة في مواجهة الأسلحة التي تستحق ألا تُصوّب إلى داخل الوطن.

والآن وقد دارت الدائرة وأتى ديسمبر الجديد , أتيت بروحي من مكانها البعيد وقُلت , الآن سأحملك على يدي لعلّنا نعود معاً , ولكنني أخاف إذا ما عدنا ألا أكمل ما عَهَدت إليه , وأنا الرجل الذي لا يحب مخالفة الوعود , كيف أفاضل بين أن تستمر الكتابة عن الثورة وبين الثورة ذاتها؟ فليرحمنا الله من وطنٍ نخاف فيه من الحِلم , الحلم الذي يقتل.

أشعر أنني لا أكاد ألاحق أنفاسي , يمر الوقت ولا أفعل شئ , لا أهتم بالدراسة اهتماماً جيداً ولا أكتب الشِعر ولا أُكمل المذكرات ولا أتعلّم شيئاً أحبّه , بل إنني أصبحت لا أحب , وهذا هو الجديد , ربما هذا هو المفاجئ في ذلك الكلام كله , علّمني الحُب ألا أحب , لأنني إذا أحببت سيقتلني الوَجد والشوق والصبر. ما لهذه الحياة التي تقتل كل شئٍ جميل ؟ ولكنني أصر على الأمل , أحاول وأحاول من أجل الأمل فقط , أحب الناس وأتعلق بهم من أجل الأمل , أكاد أضحي بعمري أو بنفسي أملاً في بلدٍ جديد لن يغيره دمي في شئ , ولكن خلقنا الله لا نعلم كيف نسكُت عن الضُر.

هذا ما كان في نفسي في هذه الليالي الخفيفة , الثقيلة , ولعل الله يهديني إلى الرُشد والصلاح , ويلهمني الصبر والأمل , ويهبني الحُب والرحمة , ويرزقني بالخير حيث ولّيت وجهي , ويسمع دعائي إنه سميع الدعاء , والسلام عليكُم ورحمةَ الله وبركاته.

لا وحشة في قبر مريمة

بقالي كتير مكتبتش ، امبارح مريمة راحت للمكان الأكثر راحة من الأرض ، وانا رحت برضو بس مش عارف سبيسيفيكلي انا رحت فين ، كنت لسة بقول لنفسي ان اكبر ميزة كسبتها بعد النقلة النوعية دي هي مساحة التفكير الأوسع ، بس ستيل مش بعمل حاجة مفيدة بيه ، لا وقت ولا صحة ولا نشاط ولا أفكار حماسية ، ورغم كل ده انا مبسوط بحالتي الجديدة ولكني لازلت بصارع المشاكل النفسية الصغيرة مع الناس والأشياء.