الاثنين، 8 ديسمبر 2014

الرسالة الثامنة

ذهبت بي يا أخي عواصف الدُنيا فَبِت مُشتت القَلب مُفَرّق الصَحب طائر اللُب لا أنظر إلا وهدفي بعيدٌ جداً لا أراه بل ولا أعلمه , أين أنت منّي الآن وقد مدّت الحياه خطاً طويلاً بيننا , هل تراني آخُذ الأشياء كما لو أنها عاديّة أو مُستساغة في دورة الأيام ؟ والله لإني لن أصادق أحداُ مثلك ما حييت , ابقَ يا ولدي ولا تذهب هذا البُعد , أأقولها لك أم الأجدر أن أقولها لنفسي ؟ وهل تحسبني أفرّق بيننا يا أخ ؟ لقد أخطأت الظن إذا , أخطأت إذ لم تعلم كم أنت هاهُنا في لُباب القلب , وهل ترى ؟ هذا ليس عيباً فيك , بل إنه لن يشعر به إلا صاحبه , لا يشعر بقسوة الحُب إلا صاحبه يا صاحبي , الحُب يربط بين القلوب برابطٍ غير مرئي , قاسٍ كالحديد , هل تستطيع شَد حبلاً من الحديد مُنسلخ في فؤادك ؟ تكذب إن قُلت نعم , هكذا كلما أبعدتك الدُنيا عمّن تُحب شَدّت هذا الحبل , جَرَحت في قلبك , بل ربما تقسو الحياة فتنتزع منه أجزاءاً فتصبح بعد التجربة فارغ الشعور , لأن هذا المكان - بالتحديد - كان لفُلان الذي أخذه وذهب , وما هذا إلا هذيان الليل يا صاحبي , رفقاً بنفسك , لست سيئاً إلى هذه الدرجة , فبالصباح أتَقَنّع الشخص الجميل , الجديد , الباسم في وجه الناس , المُحب للحياة , الناصح بالتفاؤل , إلى أن يهطُل علَي الليل , وما أدراك ما الليل يا أخي , في الليل أشعر كم أنا وحيدٌ ومُجَرّد ومَرمي في صحراء البَشَر بلا أهمية ولا رابطة , من ظننتهم سينظرون في أمري انصرفوا عنّي ونسوني في غياهب الأيام , كأنني لم أكن يا صديقي العزيز , وهذه هي الخدعة المُرّة التي يتلقّاها كل من يرحل , جرّبها أمامي أكثر من أحد , وكنت أسأل : كيف للناس أن يفقدوا وجود الناس من حياتهم هكذا دون أدنى مقاومة ؟ هل ترى ؟ اليوم عَلِمت.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق