إذا سمعت كَلِمة " مركز الأرض " ذات يومٍ فستأتِ أوتوماتيكياً بعقلك العديد من المشاهد :
النقطة التي منها يتساوى تقريباً بُعد سطح البحر عنها في كل الاتجاهات " اذا فرضنا أن الأرض كروية " .
القصة التي درسناها في المرحلة الإعدادية وهي إحدى روايات الخيال العلمي علامَ أذكُر وكان اسمها " رحلة إلى مركز الأرض " .
المؤسسة غير الحكومية التي أُنشئت في مصر للدفاع عن قضايا الفلاحين والريف المصري من منظور حقوق الانسان " مركز الأرض لحقوق الإنسان " .
تلك النظرية التي تقول أن " مكة المكرمة " هي مركز الأرض اليابسة .
تلك النظرية .. " نموذج مركز الأرض " أو " النظرة البطلمية للكون بأكمله وكانت تنص على أن الأرض هي مركز الكون والكائنات والكواكب والنجوم كلها تدور حوله !
هذه النظرية التي تُسمي بنظرية " الأرض المجوفة " والتي يؤمن متبنوها بأن الأرض جوفاء من الداخل وأننا نعيش على سطح هذا التجويف وهناك عالم آخر خفي بداخلها وقيل أن هتلر كان يؤمن بذلك وهناك شواهد من التاريخ على تلك الفكرة في حروبه .
لن نتطرق في حديثنا لهذا الصدد أو ذاك .. ولكني رميت إلى سؤال بعيد ..
فكُل المخلوقات التي عاشت على ظهر هذا الكوكب دُفِنت به .. من ملايين السنين حتى وقتنا هذا .. تحت أقدامنا كان التاريخ .. في كل زمان يسقط هذا الجيل ويُقام ذاك .. وهكذا دواليك .. فهل تدري ؟ ما تسكن به الآن كان مكان قصر الفرعون .. وفي زمان آخر ديوان الشاعر .. وهنا دارت المعركة .. وهُنا رُفِع السيف .. وهُنا تحدث التاريخ .. ثم صمت ليكتب مجدداً .. وما بالَك .! مكان تلك القاعدة العسكرية الأمريكية في بغداد وتلك القذائف المترامية فوق رؤوس البنايات كانت الخلافة العبّاسية تبسط يدها على شرق الدنيا وغربها وكانت بغداد نور الحضارة التي بنى عليها الأوروبيون حضارتهم وعلومهم وطائراتهم وصواريخهم .. وتشهد على تلك الأرض وهذا التاريخ عظام ابن الهيثم وابن سينا والفارابي وابن كثير والمقريزي والإدريسي وغيرهم من العظماء الذين لا ينسى الريح الذي يمر على بلاد العراق قاماتهم ومداعبته لرؤوسهم الفذة وعبائاتهم الشامخة .. ماذا لو أن الزمن حيٌ لا يمُت .. شاهد على الأحداث .. وسقوط الدول وقيامها .. وميلاد العباقرة والجهلاء .. وحُكم كلاهما في البلاد .. التاريخ لا ينسى .. والأرض تروي جوفها .. ستُسأل الشعوب فيم ذهب هذا المجد .. سيشهد كلُ من عمّر هذه الأرض ليومِ مشهود .. أنه أتى برسالته وذهب .. ومن بعده هم المسئولون .. استودعكم الله