عزيزتي ليلى
تحية طيبة وبعد
رفيقك، هيثم
القاهرة
6 اكتوبر 2017
تحية طيبة وبعد
أعلم أنني لم أذكرك منذ زمن طويل، ولا أعلم إن كنتي ستعذريني في ذلك، لكن دعينا لا نستبق الأحداث، فكل شئ - كما أخبرتيني من قبل - سيأتي في وقته. أنا حزين يا ليلى، حزين جدا، ولا أعلم متى سيتوقف ذلك. لا أتذكر آخر مرة سعدت فيها سعادة حقيقية. سعادة خالصة، من قلب خفيف غير مثقل بالهم والسواد. نعم، لقد ترسب السواد في قلبي ولم أعد أستطيع الرؤية بلا شوائب. نعم، زمن الحياة النقية يبدو قد رحل بعيدا وأفسح مكانه لحياة أخرى غريبة، تكرر نفسها كموت لا يكف عن التلويح. ميتون يا ليلى، قبل أن نعيش. لم نعش حياتنا كما كنا لنعيشها حقا. إذ رضينا بالقليل فجاءنا الأقل، فسلبنا كل شئ وابتسمنا للهواء الذي نتنفسه. لا تدعيني يا ليلى أهرب من نفسي لتلك الفلسفة، اضبطي إيقاعي على حزني فقط، حزني الشخصي، الخاص، وليس حزن الجميع. اضبطي إيقاعي كما كنتي تضبطين إيقاع الهاتفين للحياة في آخر تجلياتها. كانوا يعلمون أنهم لن يبلغوا شيئا بمسعاهم، لكنهم بدوا وكأنهم امتلكوا القوة كلها، وانتصروا بالأمل. الأمل، هذا اللفظ المراوغ، تتعلمه، تحبه، تتلهى به، ثم تكتشف أنه كان خطأك الأكبر. هذا الأمل الذي يعطيك كل شئ، ثم يسلبه منك دفعة واحدة. نقطة الضعف التي تتسلل من خلالها الخيالات، كفيروسات تستعمر خلايا العقل حتى تسكره، فيضربه الواقع كي يفيق من خياله، ويظل يلهه الأمل فيضربه الواقع، وهكذا حتى يفسد عقله من طول الضرب، فيعود غير مباليا بكل شئ. يعود وقد عطبت مشاعره وصدأت ذاكرته ونضبت أغانيه. يعود وقد أدار ظهره للعالم، فعاش بغير وجه. صفحة صماء لا تعطي انطباعا، لا تتفاعل مع الناس. أين كنا يا ليلى؟ ولماذا دائما نقول ما لم نقصد قوله من البداية؟ نقول أشياء مختلفة عما قد رتبناه. تماما مثل أيامنا التي تسير وفق خطط لم نضعها في أي يوم قررنا أن نفكر فيه. فلماذا نفكر إذا؟ لماذا يا ليلى؟
القاهرة
6 اكتوبر 2017
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق