الجمعة، 14 يونيو 2013

خواطر لابد منها ...



- أريد أن أكتب من يومين .. ولكن كلما أهم بذلك لا استطيع .. ربما الوقت .. ربما شئ لابد من إتمامه .. ربما لم يُشجعني عقلي أو جسدي .. لكن على آية حال كان لابد من كتابة بعض الأشياء بحرارتها .. في هذه الأيام بعينها .. لذا سأحاول ترتيب الأفكار التي خطرت حتى قد أوفق في تدوينها كليةً دون شتات ..

- إتخذتُ قراراً من يومين بفك الارتباط بيني وبينها .. لا لشئ إلا لأننا من عالمين مختلف .. فأنا حقيقي وهي من عالَم الخيال .. لا يُمكن الاستمرار في تلك المشاعر .. لأنها تُهدر في تخيلات لا جدوى منها .. مثل الذي يضرب على الحائط .. فهو يضرب ويهلك يداه .. ولكن الحائط كما هو .. ربما لا يشعر أصلاً أنه موجود .. لا , بالتأكيد أنه لا يشعُر .. لأنه عديم الروح .. لم استطيع الاستمرار .. جواباتي المستمرة لم تفهم في عالمها .. في بعض الأوقات نعكس الآية .. فأتقمص أنا الخيال بقصائدي ليتجلى واقعها .. هي ليست أميرة وعينيها ليسا جوهرتين تنيران في وهج الشمس .. كانت تلك الأميرة هي الخيال الذي أحببته .. لم ترتفع هي لتوازي هذا الكون الجميل .. ولم أستطع أنا أن أصل إلى المعادلة على آية حال .. ومن المُلاحظ أن حالتي النفسية بدت أكثر إشراقاً .. بل إن عقلي أصبح أكثر اتساعاً من ذي قبل .. فقد أفرغت شيئاً طالما أثقله وعذبه .. يا له من قرار صعب .. ومهم في الوقت ذاته .. ويا لها من رحمة .

- قضيت يومين فيما بعد ذلك من أجمل أيامي .. فبعد هذا القرار مباشرةً ذهبت لأتمم أوراق التدريب الصيفي في أحد الشركات الهندسية الكُبرى .. لعله خير .. كان اليوم حاراً كمعظم أيام هذا الصيف .. دلفت إلى غرفتي ثقيلاً مُرهقاً مُنكفئاً على هذا الجهاز .. في هذه الحالة من الإرهاق قد يكون من الصعوبة أن تُقنع رأسي الثقيل بالقيام لأداء ما يتوجب عمله .. لكني عندما أقوم على آية حال .. وبعد إتمام الأعمال .. أشعر بسكرة مُريحة .. كنت جالساً عندئذ في أحد الفنادق في الهرم .. أريد أن أوصف الراحة نفسها وصفاء الذهن وارتياح البال وتجردي من كل هم بل وتغيُّر طريقتي في تلقي الأحداث ... مرت هذه الليلة وأول هذا النهار كما يمر الحلم الجميل .. وما إن تغفو حتى تشعر بأن شيئاً طيباً حدث .. ترك أثراً عظيماً في نفسك .. لكنه ذهب سريعاً إلى مكانه في الماضي .. وتركك لواقعك المُعتاد الذي لا تنساه .. لأنك تعيشه يوماً بعد يوم .

- ارتميت في اليوم التالي على نفس الأريكة التي أقلتني قبل هذا بيوم .. كان دماغي ثقيلاً أيضاً .. كنت أقوم بعملٍ مهم على مضض .. وكان الوقت يمر مُنبهاً إياي بلزوم القيام والاستعداد للسهرة المُتفق عليها .. ما أن انتهيت إلا ووجدتُ نفسي أعبر الكورنيش إلى الناحية الأخرى حيث ألحق بالمركبات الطائرة إلى المكان الذي طالما هويته ..

- وصل الضيف إلى القاعة واصتف الحاضرون ونحن بينهم انتظاراً لتلقي تلك الندوة بعنوان ( الأديب علاء الأسواني يتحدث عن مصر بعد الثورة ) .. كانت ندوة ممتعة حقاً .. تكلم أولاً عن العلاقة بين الدين والفن ولماذا يحدث كل هذا التضارب والتناحر في المجتمع المصري بصددهما .. جذبتني طريقة كلامه .. ولاحظ " ضياء " ذلك أيضاً .. فهو يمتلك روحاً وحضوراً عالياً عند الناس .. والكلام الخارج من لسانه بسيط .. يُخاطب كل العقول .. وينظر إلى كل العيون .. ولغة الجسد لديه مُحكمة أيضاً .. فهو يعرف متى يرفع يداه ومتى يشير ومتى يقبض ومتى يحرك رأسه مُعبراً عن شيئاً ما يجول في خاطره فيوصل لكل الحاضرين دون تعريف لفظي ..وهذا بعضاً مما قيل .

- " هل الدين ضد الفن ؟! " .. " الفن هو محاكاة للواقع والطبيعة أكثر عمقاً وأكثر دلالة وأكثر جمالاً " .. وربما يعترض الصاوي بجانبي فيجذب القلم والمُذكرة ويكتب لي شيئاً بخطه القاسي لا أفهمه فأكتب له " ايه ؟! " فيكتب " هقولك اما نخرج .." ... " الدين يصل إلى الأخلاق بالتجريد .. والفن يصل إليها بالتجسيد " .. " لا جدوى من إنكار الواقع القبيح " .. " عندما سألوا ليو تولستوي لماذا تكتب عن المنحرفين .. قال لأن الناس الطيبون مملين ولا يحتاجون لأن أكتب شيئاً عنهم ! " .. " إغتصاب سعاد حسني يؤلم المُتلقي .." .. فيكتب الصاوي شيئاً أيضاً فأرد " حسن أم خطك ! " ... " أغطيها إزاي .. إذا كانت هي بتُغتصب ؟! " .. " دفاع الفن عن الفضيلة قد يكون أقوى من المواعظ " .. " ثقافة الريموت كنترول x اللي ميعجبوش حاجة عايز يمنعها " .. ويكتب الصاوي حينئذ كلاماً فهمته وحمدت الله " ليه فيه مجتمع مفتوح ومجتمع مغلق .. مين السبب .. ليه مش كلنا زي بعض " .. فأقول " ربنا السبب " .. فيقول " فاهم قصدك بس انتا مش فاهمني " ... " هما عايشين في عالم افتراضي .. مش عايزين يعترفواً بأي حاجة .. " متحدثاً عن الإسلاميين .. " فهذا حق يُراد به باطل .. " متحدثاُ عن التمكين .. " ويمنعوا تداول السلطة إلى الأبد .." ... " ننزل جميعاً يوم 30 يونيه .. لا حلول وسط .. لا ضمانات .. لا وعود .. " وكان الأسواني متحمساً جداً لهذا اليوم حتى أنه ذكره ما لا يقل عن عشرة مرات وفي كل مرة كان الموضوع مختلفاً .. ومضمون الربط أن الخراء سيزول مع زوال تلك العصابة التي تريد أن تجلس وتبيض فوق أرض مصر .. وتظننا لا نستطيع إزالتها ... " حملة تمرد حملة شرعية .. في النظام الديموقراطي لا سُلطة بدون محاسبة! " .. وختم الدكتور كلامه .. " الثورة مستمرة .. واليأس خيانة .. وموعدنا يوم 30 يونيه حتى نُقصي هذه العصابة .. ونُزيل هذا الكابوس .." .. " أنا فاهم هو عايز يقول إيه .." متحدثاً عن مرسي في خطابه الأخير .. وتشبيهاته الغير موفقة .. " لن يبقى في قصر الرئاسة حتى يغير هذا الكاتب الفاشل .. "

- دخل الثائر البروفوسير ممدوح حمزة وسط تصفيق الحاضرين وترحيب الدكتور علاء وكل الحضور .. كان ثائراً حقاً .. تكلم عن سد النهضة الأثيوبي ثم عن 30 يونيه أيضاً .. " هذا السد لا يصلُح " .. " السد متعدد الأغراض " .. " هذا تصميم سياسي وليس تصميم هندسي " .. " معندناش علاقة بيهم .. انتهت " متحدثاً عن تدهور العلاقة تدريجياً مع دول أفريقيا .. " اسرائيل ستكون هي المُتحكمة الرئيسية في جميع سدود اثيوبيا " .. " يريدون أن يخفضوا حصتنا من المياه من 173 مليار 60 مليار متر مكعب " .. " في القانون الدولي : - الإنصاف في العدل والتوزيع , - الحقوق التاريخية , - إثبات الضرر " .. " محمد فايق " .. " أيها العالم .. شعبنا هيجوع .. أرضنا هتبور " مشيراً إلى الرسالة التي من الممكن إرسالها للعالم عن طريق أحد الشخصيات المصرية التي تحظي بمكانة عالمية مشرفة .. " ضربة نضيفة .. زي الجراح لما بيستعمل المشرط الفاخر " .. " على جميع العاملين بسد النهضة مغادرة الموقع فوراً حفاظاً على أرواحهم .." ... " مش بيقولك أخذ الحق حرفة ؟ .. انتا مش حريف ! " .. " من بعد الحرب واحنا بنتركب " ... " احنا already في داهية " .. ثم انتقل الحديث إلى السماح بالأسئلة وسأغض فكري عما حدث من هراء وخراء وسأركز على الكلمات المحورية .. " يعني مصر عقمت ومفيهاش غير مرسي وشفيق ؟! D: " .. " الاختيار البائس " .. " لا تعبر الجسر قبل أن تصل إليه " .. متحدثاً عن ضرورة عدم الإسراف في التفكير فيما سيحدث بعد إسقاط النظام وإنما تركيز الجهود على إسقاطه .. " إمنع النشاط الجنسي في الحياة وانا امنعه في الرواية .. ! " .. " السراب - نجيب محفوظ " .. " لا تلقوا علينا بأمراضكم النفسية ! " .. ثم تجذبني كلمة البروفوسير ممدوح " وتكون ضربة نضيفة .. تلات ساعات "  .. وآخر ما دونته ومن أواخر ما قيل أيضاً للأسواني .. " وسنخلعكُم كما يُخلع الضرس الفاسد "

- وقف الناس بالمئات أو ربما العشرات يسمعن إلى الفنان الثوري " رامي عصام " في أحد شوارع الزمالك ويوزعن استمارات " تمرد " ويرفعون اللافتات أيضا وسط صخب سببه إطلاق كل السيارات لآلات التنبيه .. كانت إحدى اللافتات مكتوب عليها " إضرب كلاكس لو هتتمرد "

- كنا نعبر فوق كوبري قصر النيل عندما تعطل هذا الهاتف اللعين مُعلناً أنني لا استطيع أن أصله بسماعات السيارة حينئذ .. فانتقلت آذاننا إلى الراديو في حركة رشيقة من " عبدالرحمن " ليتوقف كلٌ منا عن التفكير ويعيش في هذا العالم البرئ .. " كلمة حلوة وكلمتين .. حلوة يا بلدي .. غنوة حلوة وغنوتين .. حلوة يا بلدي .. أملي دايماً كان يا بلدي .. إني أرجعلك يا بلدي .. وافضل دايماً جنبك .. على طووول ...." بدت داليدا وقتها وكأنها دخلت إلى قلوبنا واحداً واحداً فعلت فيه ما شائت أن تفعل وذهبت ... استطعت تصليح العُطل الحمدلله .... " مطلوب زعيم .."

- كان يوماً رائعاً .. أحس فيه كلٌ منا بنشوة غريبة .. لم نُشغل تفكيرنا في من أين أتت .. ولكنها أتت على آية حال .. سأل عبدالرحمن بعدما أتم جمع المال " يبقا واحد أصفهاني واتنين فنكوش وواحد رضعة الأسد وواحد إيه ؟؟ " .. قال الصاوي مع نظرة جانبية من عينه  " بطوط." فانفجر " عزت " من الضحك بطريقته .. لم نكن نريد الخروج من السيارة عندما توقف " عبدالرحمن " بجانب محطة " الدقي " .. خاصةً وقد كان الموضوع الذي نتحدث فيه شيقاً جداً .. وفارقاً مع البشرية جمعاء .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق