الثلاثاء، 25 يونيو 2013

رحلة داخل العقل ...

كنت في ذلك الكهف المظلم الذي يظهر منه النور في نقطة بعيدة بيضاء مختلفة عن السواد القاتم المحيط . كان الصوت مستمراً من خارج الكيان .. يأمرنا فنُساق .. كلٌ في كهفه .. في فُلكه .. في عالمه الأوحد .. الوحيد فيه .. نمضي حثيثاً تجاه النقطة التي تُصبح دائرة .. وتتسع . وتتسع . وتبدو كأنها باباً مفتوحاً على عالَم آخر .. عالم مختلف .. مضئ .. لا أعلمه .. لكنني لم أقرر .. فقد أمرت بالقفز . قفزت .. لم تكن الدُنيا بيضاء كما استدركتها من قبل .. كانت الأرض تقترب مني .. سأتلاشي .. سأنفجر .. ستتوزع خلايا جسدي على هذا الجبل بالتساوي .. سأنتهي . أتى الأمر مختلفاً فأنصف الحيارى الساقطين .. تحولت الأرض من تحت أقدامنا لبحرٍ عميق .. تحولت فجأة .. فأذهلنا انتصار القدر حينئذ وألهانا عن العُمق الذي غرقنا فيه بالنجاة وإمكانية استمرار الحياة . نظرت بعيداً .. وجدتها . اختفت . وجدتها . مشوهة الملامح .. متخالفة الوجوه .. متعاقبة الطلّات .. بارزة العِلل .. كلما اقتربت كلما ازدادت سرعة تغييرها .. لم أعد قادراً على استيعاب هذا المشهد .. كُنت سأنفجر مراراً من هول الشتات الذي كنت أغوص فيه بعقلي .. من أنتِ .. لماذا تتحولين هكذا .. لماذا أكرهِك أيما كان وجهك .. لم أستطع اللعب معك .. لا أحبك .. دعيني أكمِل الحياة الأبدية دون أن تريني وجهك .. أشعر فقط بها في قلبي .. أحبها في قلبي .. ليس لها هذا الوجود الذي يُرسم ويُرى بالعقل .

صدر الأمر فنِمت نومة مُدّعاة داخل النومة .. لم تكُن بجانبي .. غِبت عن الإدراك ولم أعد قادراً على استيعاب تلك اللحظة .. قيل كلٌ منكم سيرى حبيبه على الشاطئ .. لم أرى إلا شتات .. لم أرى إلا مشاعر مُهدَرة .. لم أرى .

كان صوته هو المُتحكم - كما أمر - في الكيانين .. الكيان الداخلي العميق .. والكيان المُتسمّر الميت .. قيل اخرجوا من النوبة الثانية خروجاً حيث نقطة الابتداء ومنها إلى الإدراك الطبيعي .. لم أستطع .. ذهبت ولم أقدر حينها على العودة .. جسدي ذاب في الحِلم المُشوه .. إحترقت .. صُدمت بالحقيقة الكامنة هنالك .. على الشاطئ البعيد .. وراء البحر العميق .. تحت الكهف المُظلم .. داخل العقل الأكثر إظلاماً وتعقُّداً .. قُمت مُخشّب الأطراف .. مشوش المشاعر .. مُثقل الدماغ .. فقد تعلقت بها الفِكرة بعد أن ضربَتها من الخلف .. لا يوجد في العالم من ينتظرني على الشاطئ .. لا أحب أحداً .. إنها الحقيقة . لوّحّت من داخل العقل .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق