السبت، 26 يوليو 2014

الإنفصام (1) : الإنفصام الديني

الكيبورد بايظ وانا بكتب دلوقتي بحروف اه وحروف لأ , وانا بكتب كأني بتكلم , فهعتبر ان انا بتكلم بالبطئ وهتوكل على الله لإن المواضيع بتتخانق جوة دماغي , هتكلم عن انفصام الشخصية , أو الانفصام بنظرة أكثر تعميماً .

المقالة كان ممكن يكون اسمها : التناقض , أو النفاق , أو الرياء , إذاً فانا هتكلم عن الظواهر اللي بتنتج من نفس المصدر , واللي بتكون متناقضة في ذاتها , وهبدأ أتكلم في أول حاجة لفتت نظري في الموضوع ده , أو بمعنى أصح , الحاجة اللي خلتني عايز اكتب اصلا .. الانفصام الديني , وعشان اكون أكثر دقة , فانا هتكلم عن الناس في مصر أو في القاهرة الكبرى , هتكلم عن الناس اللي انا شايفهم عشان محدش يقول اني بعمم .

السنة دي ركزت , أنا كل سنة باخُد بالي , بس انا بقى السنة دي ركزت , وشفت إن رمضان هو الفرصة الأكبر لأي مسلم إنه ينافق فيها ربه ويدّعي التدين والخشوع , وشفت الناس اللي بتبكي بالدموع في تراويح ( ليلة القدر ) هي هي مبتختلفش .. والناس اللي بتنزل تصلي في رمضان مخصوص عشان تلحق حسنات في شهر الـsale وشهر الحسنات الكتير اللي ربنا بيفتحها لعبده شهر واحد في السنة , وتلاقي اللي عمره ما ركع صلّى الخمسة في أول يوم وقرا جزء , وهكذا من الظواهر اللي بتدل على إن الناس دي عندها انفصام في الشخصية بيخلّي اسلوب حياتهم يختلف تماما في شهر رمضان , وكأنهم كدة بيضحكوا على ربنا وبيقولوله احنا بنصلي التراويح كل يوم في رمضان اهه لأ وبنبكي في ليلة القدر كمان . دي حاجة , طب فيه حاجة تانية يا عم شومان ؟ هقولك اه , الراجل اللي ساكن في العمارة اللي قصادي على طول .. - ماله يا شوما زعلك في حاجة ؟ .. - لا يا عم مازعلنيش انا , أصله بيسب الدين كل يوم لأي حد مش عاجبه وبعدين بينزل بالليل هو اللي يأذّن المغرب , بنفس الصوت , فانا كرهت الآذان وحسّيته مش نقي , مش طالع من قلب أبيض ولسان سمح عفيف وخُلُق كريم , في الشكل ممكن يكون أذان وممكن يكون هو نفس الكلام , لكن الباطن فارغ من كل المعاني , وهو ده النفاق والانفصام اللي انا بتكلم فيه . واحد يقولي طب ما الناس اللي بتصلي في رمضان دي ربنا هداها ومتكرهش الهداية لحد , هقوله ياريت , وهقوله كمان يبص عليهم بصة في الوقفة وفي العيد وبعد العيد , ويعيد النظر في كلامه , اللي هما كانوا بيعملوه سطحي لدرجة انه انتهى بمجرد انتهاء الشهر , وكإنه مسلسل بيمثلوه بحرفية تامة ينتهي في الحلقة 30 , زي المسلسلات اللي اترصّوا قدامها في رمضان برضو ,  الشباب اللي صامت وصلت هي نفس الشباب اللي هتنزل اول يوم العيد تتفرج عالرقاصة العريانة و تتحرش بالبنات في الشوارع , بعد الصلاة ربما . وطبعاً كل الشخصيات دي بترجع لحياتها الطبيعية تاني بعد رمضان , وبترجعلهم الحالة دي كل موسم .

والانفصام الديني مابيقفش عند النفاق الجماعي لبعض المسلمين في رمضان بس , ولكنه بيمتد لميادين أخرى , فهتلاقي الممثلة اللي تراثها الفني ملئ بالأحضان والبوس , تنوي تقديم برنامج عن " الإسلام الوسطي " , وهتلاقي الشيخ الفلاني ذو اللحية الكثة , ممسوك مع إحدى الفتيات في وضع مخل , وهتلاقي الإخوان " المسلمين " بيعتدوا على الناس في الاتحادية بالعصي والآلات الحادة ضرباً وتنكيلاً بدون أي وجه حق ابتغاء مرضاة وجه الله , أو المرشد , وبيدعوا على أعداء الله وأعداء الدكتور مرسي : اللهم دمرهم تدميراً , وتلاقي مجموعة من الهمج بيهجموا على بيت فيه شيعة في زاوية أبو مسلم ويقتلوا أهله من كتر الضرب والركل والبطح والجرح والسحل , 4 ماتوا بإيعاز من واحد سلفي طبع بوستر طائفي في منطقة فيها جهلة ومتعصبين للجهل,  وتلاقي أمراء الإسلام في العراق والشام   بيقطعوا رؤوس الأعداء ويجمعوهم في سلة واحدة لتكون عبرة لمن يعتبر , وكإن ربنا مقالش : { وَمَا أَرْسَلْنَاك إِلَّا رَحْمَة لِلْعَالَمِينَ  } , وقال بدالها مثلاً وما أرسلناك إلا تنكيلاً أو تكفيراً أو قتلاً أو نهباً أو كذباً أو ذبحاً أو تقطيعاً أو تحريقاً أو إرهاباً أو تفريقاً للعالمين !

ومثال تاني على الانفصام في كل حاجة : الحُكّام اللي بيدّعوا الدين والحكمة والرحمة والعدل والنخوة , الحكام اللي بيتفضحوا مع أول فقير تشوفه الصبح بينقي أكله من الزبالة , وأول ارتفاع في الأسعار يقابلك وانت رايح الشغل , وأول مذبحة يموت فيها مئات في بلدك على بعد كام كيلو , وأول موقف متخاذل يتّاخد من ضرب العرب في غزة , واتضح ان مسافة السكة كانت مزحة لطيفة من القائد المحبوب خفيف الظل .

مش عايز اخرج من الموضوع أكتر من كدة , ومش عارف أنا سردت كل الأفكار اللي في دماغي ولا لأ , بس اختصاراً .. لازم عشان الناس تقدر تعيش عيشة سوية , لازم يبطلوا خداع , يبطلوا خداع ربنا لإن ربنا { يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ } , ويبطلوا خداع أنفسهم , ممكن اصدق انك بتخادع حد عشان توصل لحاجة معينة , لكن بتخادع نفسك ؟ كل واحد لازم يفكر في التناقضات فيه ما بين الداخل والخارج , اه ممكن اقول صعب يوصل لحالة اتزان كامل , لكنها هتبقى محاولة شريفة , محاولة لتغيير الإنسان للأحسن والأنفع لنفسه وللي حواليه بالتتابع , زي ما الحاجات الوحشة بتنتشر بسرعة , الحاجات الحلوة ممكن تنتشر برضو وتحل محل الفساد , بس علينا الإصلاح من الداخل وبدء العيش بنية صافية , صادقة , وبقلب رقيق , مُحب , وبعقل واعي , مفكر , وبعين محبة للجمال , وبنفس تواقة للخير والسعادة , وبلسان عارف , صادق , بليغ , دقيق , عفيف , وبأذن صاغية حتى للمختلف , ومستقبلة بسماحة وتفكير وهدوء , وبوجود حاضر , مشارك , نشيط , وآخر الكلام : { إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ } , صدق الله العظيم .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق