الاثنين، 10 نوفمبر 2014

رسائل حُب (1) : وانتَ , وانا

“تاه وسط الزحام
فكر في أبعد مكان
ينسى فيه اللي راح
واللي صار وكان
ورا موجة وبحر وشمس وليل
أبعد غابة وأبعد سيل
ينساه الماضي
ويفضل لحنه الهادي
يرجّع زمان
من أبعد مكان”

كَم تَصفني هذه الكلمات اليوم , تُهت في غياهب العقل وتداخلت مع كل عناصر الكون وخرجت كما أنا الآن. أكتب كل يوم كأنما هو يوم كتابتي الأول , لا تتوقف مشاعري عن التدفق ولا يتوقف قلبي عن الحب. وجدت الذين أعلمهم منذ الزمن البعيد , الآن فقط أثبتُّ صحة نظرتي للدي جا فو .. أننا رأينا كل الذين نحبهم قبل أن نولد , يصدمنا الحظ السعيد بهم فلا نعلم أجئنا هنا مصادفةً أم كانت تلك كتابات القدر التي تسرب منها شيئاً إلى عقولنا ونحن صغار , وشيئاً آخراً إلى أحلامناً وخيالاتنا البعيد. إنها نفس الوجوه التي تظن أنك تعلمها منذ بدء الخلق , لا تُخطئها ولا تُخطئك.

كان كشكولها اليوم في يدي , اليوم والغد , كان باستطاعتي أن أكتب إليها كل رسائل الحُب , بل أن أسافر الإسكندرية في أول قطار وأجلس أمام البحر في الليل وأملأه من فيض خواطري. لا تستغربي سكوتي عندما نصبح - في لحظة واحدة - وحدنا , لا أجد المواضيع التي تبدد الصمت والملل , لا مواضيع بيننا غير أني أحبك , فقط.

لا أريد أن أكون مخطئاً هذه المرة , أشعر بهذه المرّة دوناً عن كُل سابقاتها , أأسرها نظرةً بعد نظرة , أعدّهم وأحفظهم حتى إذا انتابني الشك أخرجتهم كدليل على أننا نسير على الطريق معاً.

الآن أشعر بالأغاني كما لم أشعر بها من قبل , أذوب في كلماتها كلمةً كلمة. اليوم بدأ صباحي بأن سمعت راكباً عابراً والهاتف الذي في يده يغني , يغني لي بالتحديد : “ الليل وسماه , ونجومه وقمره , قمره وسهره , وانتَ وانا , يا حبيبي أنا , يا حياتي أنا , كلنا كلنا , في الحُب سوا ”.

لست كبيراً كما بدوت , الكآبة الماضية زادتي كِبَراً ورسمت على وجهي علامات الحُزن. الآن أنا صغير مثلهم , من أبعد مكان في عقلي جاؤوا وجلبوا معهم “زمان” الذي عاد وعادت معه الروح.

اليوم تمثّلت أمام عيني معانٍ عدة :خفة الروح وجمال المنظر وصعوبة البلوغ ورابطة الصداقة.

اليوم عَلمِت أنني لست وحيداً ولا منفياً كما اعتقدْت , بالأمس تكلّمنا وبدأت الحياة , واليوم استمرت وتفتّحت , وبالغَد نستشق العبير ونتأمل الجمال الذي لا يضاهيه جمالٌ آخر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق