في البدء خلق الله السماوات والأرض , وكانت النفس خربة وخالية , فملأتها بعينيها , وعَمّ الخير والحُب في أنحاء العالَم.
في الأولى جلست بالقُرب منّي , ونَظَرت , فَنَظرَت , وأطلق حَكَم اللُعبة صافرة الإنطلاق , وبدأت الرحلة.
في الثانية سِرتُ مُنهكاً على ضفاف الطريق , وأمامي تمثالٌ ينتصب في وسط البلدة , وبناية أشار عليها فيما سبق محمود , تذكّرت محمود سيّد , ولكن تلاشى كل شئ , يوم تلاقينا بالأعين , قرأت على جدار المبنى بالخط الذي لا تُخطئه عين , “ بحبك ” , فكان خط القدر.
أحاول تخيّل كيفية حدوث الأمور , اُجَن , وأعود لتركها في عشوائيتها العبقرية تعبث بقلبي وتتغلغل في معادلات العقل فأصبح مجنوناً , أو شاعراً لا يفهمه أحد.
في الثالثة نلبس الأخضر , في الرابعة نلبس الأحمر , في الخامسة أجلس وأنظر بجانبي , فأجدها!
زمر لم يكن غائباً عنّي لحظة , زمر كان معي في كل الأوقات , زمر يُعرّي روحي ويقرأ أسرار قلبي على الملأ , يناديني فلا أجيب , يسألني فلا أرد , يحتضنني بكل ما ملك , لأنه يعلم أنني أبتعد .. وأتلاشى.
محمود لم يذهب , محمود بقى , رفيق الروح وإن بَعُدَت المسافات , لا أعلم إن كان سيقرأ كلامي هذا , لا آبه , أراقبه كل يوم , أتخيّله , أعيش معه في غربته وشجنه , تموج مشاعري وتضطرب مع اضطراباته العميقة , لا أعلم أحداً طال هذا المطال من نفسي من قبل.
هي , لم تكن بعيدة , كانت قريبة قُرب السماء من الأرض , أسير وحدي كل يوم , يخبطني الهواء في أذني وفي وجهي الذي طالما نظرت له , فأتذكر , وتدمع عيني , من رعشة البَرد.
في السادسة , حاولت الإقتراب , كما أقترب من كل زميلاتها بلا مقدمات , ولكنني فشلت , فشلت.
الافتقاد تَجرُبة سيعيشها كل إنسان.
سيشعُر بالحُب الحقيقي فقط في اللحظة التي يفارقه فيها.
لا تحزنوا , فإن الله معنا , يحيطنا من عرشه البعيد , لذا , فنحنُ - من إحدى زوايا الكون - معاً.
في المكان الذي تنصهر فيه الأرواح , أو المكان الذي تُصنَع فيه علاقات الحُب وروابط الصدق والغيرة , لا تضرنا أجسامنا وظروفنا , ففي النهاية ما نحنُ سوى كلمة الله التي بثّها في هذه العظام والأشكال , كلمة الله التي ستُرَد في نهاية الزمان وتصعد من تُراب الأرض إلى عنان السماء.
إلى المصدر الواحد الذي جئنا جميعاً منه , حيثُ الأرواح الطيّبة التي تُحِب وتبتسِم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق