الخميس، 31 ديسمبر 2015

2015

2015
معظم الناس هنا عرفتني في 2015 , أو كانت عارفاني قبلها بحبة صغيرين وعرفتني اكتر في السنة دي , حاجات كتير اوي حصلت لدرجة اني مش فاكرها , وعرفت ناس كتير جداً , وحبيت ناس كتير وناس حبتني وناس استلطفتني من اول وهلة وناس كرهتني برضو من أول وهلة , بس تبقى السنة دي - مش عشان كليشيه بيتقال - من أكتر السنين اللي علمت فيا وعليا , واللي طلعت منها بشخصيات أفخر انها موجودة في حياتي وابقى سعيد لما افتكرها بيهم , بعدت وقربت وذاكرت واستهترت وحبيت وكرهت وفرحت وزعلت وشديت وهزرت وهتفت وضحكت , عملت كل حاجة .. في النهاية اللي بيتبقى في فيلتر دماغك هو الدروس اللي اتعلمتها لإن الدروس دي - والدروس دي بس - هي اللي هتكمل معاك بقية حياتك .. تقريبا دي اكتر سنة اتعاملت فيها مع ناس أو تاني اكتر سنة , اكتر سنة كانت الناس كلها قدامي لدرجة اني مكنتش بركز اوي انا المفروض اعرف مين وماعرفش مين , مكنتش بهتم بالعلاقات كويس لإنها كانت overload ودي بالنسبة لي مش احسن حاجة لراحتي الشخصية , او على الاقل بتحطني في خانات وروابط كتير انا حر منها , وعلى الناحية التانية فأنا سعيد بكل حد عرفته وكل حد اتكلمت معاه وكل حد سلمت عليه مرة واحدة ومشيت , سعيد بكل تجربة دخلتها وكل فرصة ضيعتها وكل حد عرفته وماعرفتوش , وكل حد قابلته وماركزتش معاه بس انا عارف انه موجود في جزء أثير من الذاكرة في عقلي اللي بقالي كتير مارتبتوش , وأتمنى اني ارجع ارتبه تاني واحدد اولوياتي وارجع اصلح علاقاتي بالناس اللي مادتهمش حقهم من التركيز والاهتمام , وفي نفس الوقت أحل نفسي من كل حاجة كانت مفروضة عليا وعلى تفكيري ووقتي من غير ما يكون ليها أهمية حقيقية .. سنة عدت عرفتوني فيها وشفتوني في حالات كتير , انبسطوا بمعرفتي أو أحبطتكم , فكرتوا فيا كويس أو وحش , ترجمتوا تصرفاتي وتعاملي صح أو غلط , حبيتوني أو كرهتوني , حسيتوا اني فعلا حد مختلف او حد مالهوش اي لازمة وشكل من بعيد وخلاص , ايً كان انا كنت ازاي بالنسبة لكل الناس اللي عرفتني وشافتني السنة دي , فانا ممتن بالتجربة كلها , وبتمنى من ربنا في السنة الجديدة إن أي ود مع الناس يقوى , وأي سوء فهم يروح , وأي ضغينة ييجي بدلها ألفة وحب , وأي خذلان أو تخييب أمل يتغير بامتنان وتفهّم وقدرة على الحب الغير مشروط بأي حاجة , أنا الشخص اللي ممكن ماتفهمهوش من أول مرة ولا من آخر مرة , لازم تقعد معايا كتير اوي عشان تعرف ازاي التعبير او الكلام او التصرف اللي بيبان قدامك بيطلع , السنة الجديدة هي فرصة جديدة لأي حد ماعرفش يفهمني السنة اللي فاتت , السنة الجديدة هي فرصة ليا إني ارجع تاني اوصل حبالي مع الناس من غير ما اضايقهم ولا يضايقوني , ابعتولي رسايل عشوائية يا جماعة , قولولي اي حاجة كان نفسكم تقولوها في اي لحظة عابرة من سنة طويلة ومالقيتوش فرصة ولا مجال انكم تقولوها , ابعتلي لو عمرك ما كلمتني في حياتك , كفاية بقى نشيل في قلوبنا لحد ما قلوبنا تتعب وبيئاتنا الخارجية تتآكل , انفتح على الدنيا وافتح قلبك للناس اللي بتحبهم واللي بتكرههم عشان انت ماتعرفهمش , صارح نفسك وصارح العالَم وكل ما قربت من نفسك وتعمقت فيها هتفهم العالم والناس أكتر , أنا مستنيكم تقولولي كل حاجة , وتكلموني عن نفسكم:)
وكل سنة وانتم طيبين 

الثلاثاء، 1 ديسمبر 2015

أهد وابني

أهد وابني
وابني وأهِد
وأشد وارخي
وارخي وأشِد
فصل بلوتارخي
في تاريخ فينيقي
وتأملات
الصمت الموسيقي
وحبيب طلعلي
من عُقد صوفي
وحبيب نزللي
يشرب حروفي
وحروفي سَمّت
لما اتأذيت
وحروفي لمّت
بيت بعد بيت
وبيوتي وصلت
بين ألف جِد
فأهد وابني
وابني وأهِد

أهد قيمة
وابني حقيقة
ضايقت عيون
الجميلة الرقيقة
سامحي جنون
الأديب يا صديقة
ماهو نص عقله
طار في الخيال
وده نص قلبه
حار في الأمال
ودي روحه سارحة فـ
فروض الجمال
ودي قصة جارحة
لكن بتوزِن
سبحان اللي خلى الفرحة
تحزِن
ودي مطارحة
ولا مجادلة؟
من وسط صحرا
شاعرنا أدلَى
بالدلو كله
والبير كبير
وصاحبنا إن مات
هيموت أمير
وساعات سكوتي
بيغُر ناس
وبنيت بيوتي
على ميت أساس
وبيوتي وَصَلِت
بين ألف جِد
ودي حكاية حصلت
وانا مستعد
أنزَع في سور الصين لو يسِد
وأهد وابني
وابني وأهد

أهد مصنع
وأبني شجرة
تكفيني أقعد
تحتيها واقرا
واستنى يمكن
القى ملاك
أو مرة يلسع خدّي
هواك
يتعلّق الفكر مع طيف معدّي
ويخلّق
خيالي
شِعر مادّي
وانا شِعري جدّي
ولا هزار؟
وده أصله بيت
ولّا مزار؟
والعقل حار
في دي القضية
وحمامي طار
بالرسالة دية
من ابن فارس
لـ بنت سيّد
وده كان في مارس
وحكاية حصلت
وبنيت بيوتي
وبيوتي وصلت
رسمت رسالة
على أرض خالية
ونَقَلْت حالة
من قمة عالية
وحروفي غالية
لما تطاوعني
وانا عارف انك موجود
سامعني؟
ودي حرب دايرة
في أسود
وتيران
في مجرة ثايرة
بتشع أحزان
وانا ببني فوق الهوا
حقل أوزان
فـ إوعى حَقلي
لا تُخش عَقلي
وأبني فيك
أو فوقيك
وارصُف
وأمِد
وأهِد وابني
وابني وأهد !

السبت، 28 نوفمبر 2015

أنا والثورة (الكتاب الثالث) : الجزء الثالث



عندما ذهبت إلى البيت , تابعت على موقع " تويتر " خبر إلقاء البنات المُعتقلات في الطريق في الصحراء , ثم قدرتهم على الوصول لمن استطاع الوصول إليهم وإقلالهم مرة أخرى إلى القاهرة بسلام , وتم حجز الشباب , الذين ربما ظلوا يُحاكموا بهذه الوقفة حتى شهور قليلة ماضية , أو حتى الآن , لن أبحث الآن , سأكتُب.

نِمت يومها وطغى على رأسي اليأس بعد أحداث يوم طويل , وبعدما عيا جسدي من الإرهاق والسير والجري والغاز السام الغبي , وصحوت يوم الخميس 28 نوفمبر 2013 متأخراً , غير آبه بمحاضراتي ولا بأي شئ , لبست ملابسي السوداء , ووَضعت كمامة الغاز في جيب سُترتي السوداء الخارجية , وبلا حقيبة , نزلت.

وصلت في وقت الظهيرة , وأول من قابلني وقتها هو صديقي أحمد البدوي , أو أن صديقي الآخر اسلام عاطف قابلني أولاً اثناء جلوسي شارداً في منطقة " الجبلاية " بحرم الكلية , وتحدثنا قليلاً عن ديواني وذهب , وكُنت في هذا اليوم اُفوّت امتحان ( ميد تيرم ) بلا إحساس بالذنب , كل تفكيري يومها كان عن كيف أن هذه حياة عليّ أن أحياها وأتعايش معها ؟ كيف نُعتقل ونُطارد بالليل ونسعى للعلم والبناء بالنهار , شئ ما لا منطقي يحدث في هذا البلد , شيطان ما يُحركها لكي تُصبح عَبَث في عَبَث , لن أستجيب لنداء التعايش السلمي مع الواقع البغيض , لأنني لا أستطيع أن أنسى معاناة الأمس , ولماذا ؟ فقط لنعبر عن رأينا. هذا عرض خاص لبلادنا فقط , ولفترة محدودة , عبر عن رأيك وستُقتل أو تُصاب أو تُعتقل أو تطارد في الشوارع , كل الخيارات مفتوحة أمامك , فقط تكلم!

قابلني أحمد البدوي في جلستي هذه وسألني " مالك؟ " بعدما رأى مظهري , فحكيت له عما أشعر من يأس وإحباط , وأسهبنا قليلاً في الحديث , وكان أحمد البدوي واقعياً , ومتفائلاً في نفس الوقت , وأنا اُحب فلسفته على أي حال.

بعدها قُمت لأرى أصدقائي في الناحية الأخرى من الكلية , ناحية " حورس " .. أذكر أنني كنت مع صديقي محمد أسامة وصديقي الآخر محمود مُعز , عندما سمعنا دوى إطلاق نار يأتي من الخارج , فقال محمد أسامة أن هذا يعني أن فاعلية ( طلاب ضد الانقلاب ) بدأت , ثم قمنا وتفرقنا قليلاً لنذهب ونتابع ما يجري عن قرب , وذهبت أنا وصديقي محمود معز باتجاه البوابة الرئيسية لنرى.

كانت البوابة مفتوحة في البداية , خرج بعض الطلاب ومنهم أنا لنرى الإشتباكات القائمة بين قوات الأمن المركزي على يمين كلية الهندسة وطلاب ضد الانقلاب أمام بوابة جامعة القاهرة , وعندما رأينا أن قوات الأمن المركزي تعتدي على طلاب ضد الانقلاب بالغاز المسيل للدموع والخرطوش وتصيبهم وتطاردهم حتى أبواب الجامعة , غصبنا كرد فعل فطري لمن يشاهد مشهد اعتداء قوات مسلحة على طُلاب عُزل , مثلنا , فهتفنا أو هتف البعض ضد الداخلية , فالتفتت الداخلية نحونا وأرسلوا لنا كتيبة سوداء من الملثمين المقنعين المسلحين بالعصي والخرطوش ليجروا ورائنا ولأول صدمتنا وذهولنا الأبدي : ليرفعوا في وجوهنا الأسلحة مباشرةً !!!

جرى الطلاب وتدافعوا ناحية البوابة الصغيرة المفتوحة , للحظة فكرت في أنني لن أسارع للدخول قبل طُلاب آخرين , فأهرب من وقع العصا ويُصابوا هُم , وانتظرت عدة ثواني حتى دخل الطلاب جميعاً , وحاولت أن أعطل أقرب غبي كان يرفع العصا في وجه الطلاب ثم في وجهي , بلا جدوي , يلعن اللي شال عقولكم وحط بدالها جزم!

عفواً , حاولت تعطيله حتى تأكدت من دخول جميع الطلاب فدخلت وقفل الطلاب البوابة ورائي وعساكر الأمن أمامها مباشرةً , بعدها تجمعنا عند البوابة الكبيرة وهتفنا ضد الداخلية وربما كان أشهر هتاف " الداخلية بلطجية " .. في هذه اللحظة - لحظة الهتاف - التفت لنا عسكري الأمن من فوق المدرعة وأرسل لنا قنبلة غاز داخل حرم الكلية , اصطدمت بمبنى الإدارة ثم وقعت على الأرض , وكانت هذه هي صدمتنا الثانية , أنه يمكن الاعتداء على الكلية نفسها , وليس على الطلاب فقط.

عندما اُطلقت القُنبلة جرينا في أرجاء الكُلية , وكان الغاز قد أثر على اتزاني - كما حدث قبلها بيوم - فساعدني محمود مُعز على المسير إلى أقرب مصدر ماء لكي أغسل وجهي , ثم وضعت الكمامة ومشيت قليلاً في الكُلية وعُدت إلى ساحة الكلية أمام البوابة مرة أخرى , وهنا اختلف المشهد تماماً فعندما عُدت كان تجمع الطلاب منقسم لجزئين , جزء يحتشد عند البوابة الكبيرة والجزء الآخر مُنتشر بساحة الكلية أمام البوابة الكبيرة , دخلت الساحة وقد بدأ إطلاق طلقات الخرطوش من قبل عساكر وضباط الداخلية الواقفين أمام البوابة على الطلاب المحتشدين الواقفين خلفها , وأصيب عدد من الطلاب من هذه الطلقات منهم صديقي محمود معز وصديقي الآخر حسين سويدان وصديقي الثالث أحمد ابراهيم وغيرهم , ثم كان تجمع آخر ثم طلقات خرطوش أخرى تصيب! وفي لحظات وجدت نفسي أمام البوابة أحاول منع هذا السيل الغبي من الاندفاع نحو الطلاب , منعه بإشارة يدي أو بوقوفي أمامهم إن لزم الأمر , ولكني لم أمنعه , ففي لحظة واحدة حدث شيئين , لا أملك علم الغيب لكي أفصله تماماً ولكني أفهمه كذلك في عقلي , عندما تقدمت باتجاه البوابة الكبيرة رافعاً يدي لقوات الأمن السوداء أن توقفوا , لم يتوقفوا , وظلوا يوجهوا صوبنا الأسلحة , وسمعت الأصوات تناديني بأن " إرجع " وأصوات أخرى متداخلة , وفجأة وجدت جسدي يطير إلى أقصى اليمين , أحدهم يحملني - حرفياً - ويضعني وراء الحائط ويصرخ في وجهي عن الجنون الذي أفعل , وكانت هذه الأيدي التي حملتني أيدي صديقي أحمد يحيى الذي يلومني ويسب أيماناتي حتى اليوم على هذه اللحظة الذي كِدُت أفقد فيها حياتي , وأما الشئ الآخر الذي حدث في نفس اللحظة , هو أن الرصاصة التي انطلقت من فوهة أحد قوات الأمن من أمام البوابة , اخترقت جسد طالب في السنة الأولى من قسم الكهرباء , يُدعي محمد رضا.

وكانت هذه , تحديداً , اللحظة التي غيّرت الكثير , جداً.

28 نوفمبر 2015


أنا والثورة (الكتاب الثالث) : الجزء الثاني



عندما تستعرض اللحظات المثيرة في حياتك , المليئة بالأحداث والتفاصيل , قد يبدو لك أن بعض الثواني تمددت قليلاً لتصبُح دقائق , عندما تستعرض اللحظات المثيرة في حياتك , المليئة بالأحداث والتفاصيل , قد يبدو لك في بعض الأحيان أن الزمن قد توقف بك , وحدك. ووقتها فلن تنسى ما حدث أبداً.

عندما بدأ العدوان على المظاهرة , كنت في المكان الأيسر باتجاه المظاهرة , وخلفي الشارع , وكنت وسط الناس لأنه عندما صَعَدت حدة الأمور صَعَد قلبي وهَبط وأمنت نفسي وسط الحشد , ثم أنه بعد أن بدأ العدوان حدث شيئين متضادين في الاتجاه :
أولهما أن الجزء الأكبر من المظاهرة , جرى باتجاه الشارع المؤدي إلى ميدان سيمون بوليفار ,
وثانيهما أن الجزء الآخر من المظاهرة انقسم جزئين آخرين , فأولهم تم إمساكه عندما عمد ضُبّاط الشُرطة إلى إحكام الكمّاشة على المتظاهرين في الصفوف الأولى , ومنهم كانت منى سيف , وبنت أخرى , وشاب آخر حاول حمايتهما من أيدي المخبرين , والجزء الآخر وقف ذاهلاً للحظة , عندما رأي منظمي الوقفة يقعوا في براثن الغربان , عفواً , الشُرطة , وأنا كنت من الجزء الثاني , ولكن في الحقيقة فقد دبّت الرهبة في قلبي وآثرت الجري باتجاه سيمون , وفي أول طريقي وجدْت سارة شريف على ما أعتقد أو أتذكر , وقفت فجأة وقررت الرجوع , حاولت منعها بلا جدوى , ثم وقعت هي مع صديقتها منى سيف في قبضة الشرطة , وأكمَلت أنا جري , وفي أثناء ركضي انضممت لجموع الراكضين , ثم أنني وجدت أحد الشجعان يقف بشمروخ في وسط الشارع وفي مواجهة الشُرطة , أعتقد أنه قُبض عليه أيضاً , وأثناء جريي وقعت من فرط تأثير الغاز , والتقطني شاب نحيف مثلي , تعرفت عليه بعد ذلك , اسمه اسلام جيفارا , التقطني قبل أن أسقط وساعدني حتى وصلنا إلى كوبري قصر النيل , وهو مُعتقل الآن فقد كان بجانبي أيضاً في مظاهرة الاتحادية في مايو 2014 , هي لُعبة صغيرة , كلعبة النَرد , تتساءل متى يختارك الحظ لتكون من المعتقلين أو القتلى , هي لُعبة أحكمتها علينا الأنظمة الفاسدة , وهي وإن كانت لا ترقى لمستوى فيلم The Hunger Games , فعلى الأقل إنها أخذت منه شيئاً , وهو أنك تعلم مصيرك تماماً , طالما شاركت في اللعبة من البداية , ولكنك لا تعلم أين تلقاه.

التقطنا أنفاسنا عند أسود قصر النيل , وتجمعنا حثيثاً ثم صرنا حشداً قليلاً ثم تكلمنا بعضنا مع البعض , وقررنا أن الوقوف هنا ليس مجدياً , وكان المطرب الشاب رامي عصام بيننا , وقررنا أننا لن نترك زملائنا في قبضة الشرطة وأننا في الشارع حتى يعودوا , وذهبنا باتجاه ميدان طلعت حرب , وفي مسيرنا كَبُر عددنا وعلت هتافاتنا حتى وصلنا إلى ميدان طلعت حرب , وما هي إلا أوقات قليلة حتى عادت وجوه ثورية معروفة للميدان , وتم إغلاق طرق الميدان أمام السيارات , وكانت الخطة أن نسد الطريق على مدرعات الأمن اللاهثة , ولكنهم أرسلوا لنا القنابل من السماء على أي حال , وجرينا مرة ثانية.

جريت شارع طلعت حرب بأكمله , ثم بعد الجري وقفت , وبحثت عن الناس من حولي , تفرقوا في البلاد .. وعُدتُ خائباً , قررتُ في هذه اللحظة أن أستغل الحقيبة التي أحملها على ظهري وأن أذهب لشراء بعض الأدوات التي تفيدني في طبع ديواني الأثير , وكنت قريباً من العتبة , فأتممت حاجات الديوان , و...عُدت للميدان.

ويكأنني عُدتُ إلى ساحة المعركة , فأول ما وجدته في مسيري من محطة محمد نجيب إلى ميدان طلعت حرب هي النار المتصاعدة من إطار سيارة في وسط الطريق المؤدي للميدان , ودخلت, فوجدت أن الحشد تضاعف والروح ارتفعت , ثم هتف البعض , ثم تكلم البعض الآخر , ثم إنني لا أعلم بالظبط ماذا حدث كي يحدث مثل هذا , فبعدما جريت كانت العربات في الطرقات والناس تسير , وعندما جئت اختفت العربات وفرغت الشوارع إلا من البقية الثائرة , فقد كنا قاربنا على منتصف الليل , وهُنا باغتتنا الشُرطة بأعداد أخرى من قنابل الغاز المسيل للدموع , لنجري , ولكن هذه المرة باتجاه واحد , لنجتمع مرة أخرى عند البنك الأهلي.

عند البنك الأهلي , فهمنا من بعض الاتصالات أن بعض أعضاء لجنة الخمسين - ومنهم خالد يوسف - انسحبوا من الجلسة اعتراضاً على حبس النُشطاء , وفهمنا أيضاً أن الإعلام يتحدث عن الأزمة , وأننا هُنا "دوشة في دماغهم لحد ما يطلعوا زمايلنا " ... في هذه الأوقات كان زملائي في كلية الهندسة يكلمونني للاطمئنان على وجودي وسلامتي لعلمهم مسبقاً وجودي في الأحداث , وعندما فرغت بطاريتي , حفظت بسرعة رقم صديقي ( أحمد مجدي ) إذا لم تخونني الذاكرة ثم ذهبت لـ ( ست البنات ) - وهو اللقب الذي أطلق عليها بعد الاعتداء عليها في أحداث مجلس الوزراء - ولم أتذكر اسمها حالياً , وحدثت أصدقائي الذين أصروا على رجوعي , وأكثرهم ( ندا منصور ) التي أتذكر صوتها وهي تقول لي " إرجع يا هيثم " , فلا أجد نفسي إلا وأنا أقول " حاضر يا ندا " , وأنهض من على الرصيف , وأذهب إلى البيت.

28 نوفمبر 2013

أنا والثورة (الكتاب الثالث) : الجزء الأول



منذ عامين , وتحديداً في يوم الأحد 24 نوفمبر عام 2013 , كُنت ووالِدَتي في الشارع لقضاء بعض الحاجات , وإذا بنا نعبُر من جانب سيارة اُجرة , سَمِعت المذيع يتحدث عبر الراديو , في أن الدولة أصدرت قانوناً جديداً , يُدعى قانون التظاهر , فَضَحِكت.

ضَحكت لإنني كنت أظن أن هذا محض هراء , وأن هذا كله لا يمكن أن يحدث , فكيف لسُلطة جائَت على ظهور المتظاهرين أن تمنع التظاهر , وكيف تمنعه أصلاً ؟ ضَحكت قائلاً لأمي : لأ , لأ !

قبلها بأيام قليلة كنتُ في وسط البلد , أتظاهر مع فريقي الجديد , جبهة طريق الثورة , الجبهة التي حاولت أن تشق طريقاً للثورة وسط مجاهل الإسلاميين ومدافع العسكر , التي حاوَلت على الأقل , حتى داسَت الدبّابة علينا جميعاً.

في هذه الأيام - قبل إصدار القانون - بدأنا نظهر في الشوارع رفضاً لحُكم العسكر وبياناً أننا لسنا إخواناً أيضاً , وهذا شئٌ لو تعلمون عظيم , إذ بعدما عملت آلة الإعلام على عقول الشعب لأسابيع طويلة , في تمجيد القائد والبذّة والبيادة والكاب , وفي تحقير وتخوين ودهس وحَيوَنة - نعم حَيوَنة - كل من يعارض النظام القاتل الجديد , كيف بعد كل ذلك تقنعهم أن هنالك شباب مصري طَموح يسعى لبناء وطن حُر مدني شريف ؟ كيف تقنعهم بأنه يمكنك أن تكره السيسي وتُحب الوطن ؟ كيف ذاك الحُب أمسى خبراً , وحديثاً من أحاديث الجَوَى ؟

وكانت عدة أيام من التظاهرات المتفرقة كان آخرها حتى ما قبل إصدار القانون مظاهرات إحياء الذكرى الثانية لمذبحة محمد محمود , والتي بدأت من قبلها بيوم عندما كُنا نحتفل في مهرجان ( الفن ميدان ) , فجاءت سيارة شُرطة لترمي علينا السلام , فرميناها وانطلقنا حتى وصلنا إلى الميدان الممنوع علينا دخوله من بعد احتلاله , ميدان التحرير. واحتفلنا.

وفي اليوم التالي جئنا بأعداد أكبر وأكبر , أظنه من أحد أكبر تجمعاتنا - نحن الثوار فقط - في هذه الفترة , وفي نهاية اليوم قُتِل طالب كلية الهندسة الشهيد ( محمود عبدالحكيم ) برصاص الداخلية وبعدها أخلوا الميدان بالمدرعات.



نعود , في يوم 24 نوفمبر 2013 صدر قانون التظاهر , وسط رفض عارم , وساخر , ومُتَحدّي من قطاعات الإسلاميين والثوار وربما الليبراليين وحتى من بعض القريبين من دوائر اتخاذ القرار.

وكانت الجلسات تُعقَد أيامها للجنة التأسيسية لوضع الدستور في مجلس الشورى لوضع المواد بالدستور ومناقشتها وتعديلها وإقرارها , وكانت مجموعة " لا للمحاكمات العسكرية للمدنيين " دعت - من قبل إصدار قانون التظاهر - لوقفة أمام مجلس الشورى أثناء عقد الجلسة للمناداة برفض إقرار مادة محاكمة المدنيين عسكرياً والتمسك بالحقوق المدنية للمواطن المصري وعدم إهدار حقوقه القانونية أمام المحاكم العسكرية.

وفي يوم الجُمعة 27 نوفمبر 2012 , ذهبت مجموعات الثوار الرافضة لإقرار المحاكمات العسكرية للمدنيين للتظاهر أمام مجلس الشورى بشارع القصر العيني , كانت الإجراءات الأمنية مشددة في محيط المنطقة , ولسذاجتي نويت الذهاب لمكان الوقفة من الناحية الأخرى للمجلس , أي أنني لكي أصل سيتوجب عليَّ عبور شارع مكتظ بمدرعات الأمن ! ولكنني عندما اتجهت صوب الشارع استوقفني أحد الضباط , فقلت له أنني أريد مجلس الشورى (!) فأشار لي أن أذهب من الناحية الأخرى.

فتُهت وتبلبلت في وسط المدينة حتى اهتديت لجماعة من الثائرين في عرض الطريق ومشيت ورائهم , فعبرنا الميدان معاً وسط إشارات يدوية متبادلة بيننا وبينهم لا داعي لتوضيح معانيها هُنا , وانطلقنا باتجاه مجلس الشورى , وعندما وصلنا وجدنا حشد كبير بانتظارنا , انتشرت اللافتات الصفراء المميزة للمجموعة قائلة " لا للمحاكمات العسكرية للمدنيين " , وتعالت الهتافات , وجاء بعض الصحفيين للتصوير والتسجيل , بعدها بوقتٍ قصير تم تشغيل آلة التنبيه الخاصة بسيارة المطافي , وتأهب عساكر الأمن فجأة , ثم أمسك أحد الضباط بمكبر الصوت قائلاً لنا أن اذهبوا لأن المظاهرة سيتم فضها بعد خمس دقايق , وما هي إلا دقيقتين حتى على الصوت , ودب الخوف , وتدافع الناس بالاتجاه وعكس الاتجاه , وبرزت الاعتراضات ومحاولات إقناع الضباط بغير جدوى , ورُش الماء , ودَوّت السارينة , وقُذِفَت القُنبلة المسيلة للدموع في آخر الشارع الذي بدأنا نجري فيه.

28 نوفمبر 2015

الأحد، 15 نوفمبر 2015

نور فريدة

طِلِع ان الدنيا
بتعرف تتغير
وآدي ليلة جديدة
غير كل ليلة
وهتعرف إنك
مابقتش صغيّر
وتشوف فريدة
نورت العيلة

اقرالها كلامك
قولّها أحلامك
لسة في اللفة
واحكيلها شوية
في أصول الخفة
وحكاوي الناس
وبلاد الشافعي
وجناح عباس
ونشيد الرافعي
وألحان درويش
وفيه ناس بتموت
لبلادنا تعيش
وفيه ناس بتفوت
وأرواحها بتبقى
والناس علشان
ترتاح راح تشقى
وإن اسمي شومان
صاحب على عهده
شاعر على قده
عاشق ولا عنده
أغلى من الحُب
وإن البير دايماً
يمسك ويصُب

الأخ الأكبر
من كل اخواته
ربنا يكتبله
أفراح في حياته
احفظها عشانها
لما تكون اكبر
واكيد اعمارنا
بكرة هتتغير
بحكاوي جديدة
وتعَلّي الشيلة
وهتعرف إنك
مابقتش صغيّر
وتشوف فريدة
نوّرت العيلة

الأربعاء، 4 نوفمبر 2015

الذكرى الثالثة للكتاب الأول



زي النهاردة من سنتين .. 4 نوفمبر 2013 :)

نزلت كلية الهندسة وكنت شايل في شنطتي اول ابن ليا في الحياة , أول "كتاب" اكتبه , اول حاجة مادية اعرف امسكها بإيدي واقول انا عملتها , وافرح:)

كنت شايل على ضهري حاجة كل صحابي كانوا بيشجعوني عليها من ساعة ما شافوني بكتب , حاجة كنت كل ما اوريها لواحد منهم عينه تنور ومايصدقش اني عملت كدة , مايصدقش اني فعلاً كان عندي العزم اني اكمل الطريق واكافح فيه لوحدي لحد ماوصل ... فاكر اول ما وريته لمصطفى احمد وبعدين محمد الزمر وبعدين محمود معز وبعدين احمد هاني وبعدين احمد صبري وبعدين محمد ياسر وبعدين كل الناس ... كل دول كنت بدور في عينيهم على نفسي اللي بحاول الاقيها , هيثم اللي كنت بلاقيه وسط فرحتهم بيا اللي انا نفسي مش واصلها .. تصديقهم وشغفهم لصاحبهم اللي لسة ماصدقش ومش هيصدق في نفسه , كنت بلقط منهم اللحظات دي عشان عارف انها مش هتدوم وإني هرجع صغير قدام عيني , بس هفتكر لحظات معينة كنت كبير اوي في عين الناس , هكبر في عيني عشانهم!

زي النهاردة استلمت اول نسخة طبعتها من كتابي من مكتبة الرسالة في بين السرايات , كتابي اللي فضلت كذا شهر قبلها بنظمه وبرتب أفكاره , من ساعة ما نفس الرفيق مصطفى احمد - اللي هيبقى ليه تأثيرات عليا في حاجات تانية هتتقال في وقتها - قالي انشر أشعاري اللي كنت بدأت انزلها من نهايات 2011 مروراً بـ2012 و2013 مع التطور والتنوع كل ما مر الزمن , وكل ما مر الزمن بقى يظهر شكلي اللي بكتب بيه , كل قصيدة اكتبها كانت بتضيف جزء جديد في هيثم اللي لسة ماكملش , جزء جديد الناس تشوفه في هيثم وتشوف هيثم منه ... انا ممتن لكل لحظة عشتها وسط الناس دي , الناس دي لحد ما اموت واتدفن واتحول تراب هتفضل عندي بالدنيا كلها , الناس اللي تشوف فيك الجزء المنور اللي انت مش شايفه , اللي تشدك وتعلّيك وتعلى معاك .. محمود بنداري سبب اني ارجع اكتب , بعد ما كنت بكتب فصحى ومش عارف اسلك طريقي فيها , محاولاتي مكانتش سيئة جداً بس كانت مترددة ومش واضحة , محمود اللي استفز موهبتي , محمود اللي بدأت اكتب عشان اكلمه , عشان اقوله اني بحبه , عشان اقوله ان كلامه جاي من بير غويط محدش وصله قبل كدة , البير اللي ماسبتوش طول فترة كتابتي, ولا سابني , البير اللي كل مرة اكتب فيها حاجة حلوة كنت بطلع منه , محمد الزمر اللي مهتم إني اطلع للناس اكتر مانا نفسي مهتم , اللي بيوصي عليا فنانين كبار وصغيرين وانا لسة مش مهتم , اللي هيفضل ورايا لحد ما يبقى ليا القدر اللي هما شايفين اني استحقه , شكراً لكل حاجة عيشتها وسطكم , وسط ناس بتحب للحب , بتعاشر للعشرة , مافيش اي ربط ما بينا ولا دراسة ولا مصلحة ولا اي حاجة في الوجود غير اننا عايزين نبقى موجودين مع بعض , عارفين كل واحد ايه عند التاني , عارفين ان كلنا مهمين وان كل واحد هو حاجة في حد ذاته ومهم لكل فرد في المجموعة وللمجموعة كلها .... رغم اني كتير بقعد معاهم ساكت ومش في المود ومش مبسوط وعايز امشي وقرفان وويرد وحاجات كتير , اتعودوا عليها وحبوني بيها ... شكراً لكل لحظة حتى لو مافرقتش في الوجود بس فرقت جوة النفوس , لحظة زي لحظة الكتاب , الكتاب ماتنشرش , ( او للي قروا البوست - ربنا ما أرادش :) ) , ولا هيتنشر , لكن هتفضل لحظة تُذكر , لحظة هفتكر فيها روحي كل ما اضل الطريق , هفتكر فيها يعني ايه صحاب , يعني ايه حب :)

الاثنين، 19 أكتوبر 2015

إمكانية الحب في زمن الكوليرا

هو فيه احتمال ان فلورنتينو اريثا كان فعلاً وفي ومخلص لحبيبته لدرجة انه فضل مستنيها 50 سنة ؟ يعني ممكن نقول انه حبه كان حقيقي عشان كدة ماقدرش يتخلص منه بمرور الزمن وتغير الظروف والأماكن ؟ حتى إنه فضل مستنيه لحد ما - يفترض - ان مابقالهوش معنى ولكنه فضل مخلص للحظة دي لحد النهاية , رغم انه مر بتجارب مع نساء كتير بس فضلت فيرمينا داثا هي هدفه الأسمى والنهائي اللي كان فيه احتمال 99% انه مايوصلهوش في نهاية المطاف بالموت أو السفر أو الطبيعي اللي المفروض اي انسان عاقل يدركه لما يكون بيحب واحدة متجوزة ومخلفة! حد عنده تصور هو فعلاً كان دافع الحب الأسطوري اللي خلى إنسان يصبر 50 سنة ؟ ولا ممكن نفكر في دوافع تانية ؟

الأحد، 18 أكتوبر 2015

بلطجية الجامعة

عصابة منظمة من البلطجية يسمّون أنفسهم " أمن الجامعة " , يبدون لك بدءاً من محاولة التسلل إلى جامعة القاهرة , السجن المشدد ذي الأبواب الحديدية المُحكمة , لتمر خلال 4 مراحل من التفتيش ; أولها للتأكد أنك تحمل بطاقة تؤكد أنك طالب في كلية من داخل الحرم , وفي هذا لا يحق لك أن تتبرم إذا انضممت إلى حشد من عشرات الشباب الذين يحاولون فقط الدخول لتلقي العلم , وإذا - لا قدر الله - ابديت اعتراضك فهناك الأيدي تستطيع التحدث على ملابسك وكتفيك وظهرك ووجهك , فاطمئن يا بني , لا توجد هناك حدود مكتوبة للعلاقة "الحميمية" بين بلطجي الأمن وطالب العلم , ثم لتمر في المرحلة الثانية بالباب الحديدي الذي لا يتسع إلا لواحد لو اتسع! ثم لتلقي عنك حقيبتك في هذا الروتين اليومي ليتأكدوا أنك لست إرهابياً تحمل قنابل نووية لتفجير الجامعة , ولتعلم أنك أنت في كل الأحوال الإرهابي المتهم , وليس ذي اليد الباطشة الذي لا يراعي حدود العمل , ولا يراعي حتى فروق المكانة فالتعامل هنا هو بالأيدي والأجسام فقط , لا أخلاق على أرض جامعتنا , وأخيراً تريد ذيول البوابة ان تتأكد أنك آمن تماماً ولو ساورهم الشك في ذلك فسيأخذوا عنك حقيبتك ويفتحوها ليتأكدوا من خلوها من أي شئ! هذا هو روتين الإهانة اليومي الذي يتعرض له كل طالب في كل جامعة في بلادنا الحبيبة , أنت متهم حتى تستطيع الدخول , يومياً أنت متهم!

ستجد أيضاً رجال هذه العصابة حولك وإلى جانبك إذا - لا قدر الله - حاولت أن تعبر عن رأيك بأي شكل , يشتمون ويضربون بالأيدي والعصي والأحزمة والأسلحة البيضاء , والتاريخ يشهد , ففي الشهور الأخيرة من النصف الدراسي الثاني قُتل طالب ( ضرباً !!! ) على أيدي هؤلاء الأبطال الذين كانوا يحافظون على نظام الجامعة بأن هجموا كالهمج على مظاهرة مسلحة بالصوت لمجموعة من الطلاب لا تتعدى المائة وخمسين طالب وطالبة , فنالوا جزائهم على أية حال في دولة اللا قانون , عفواً , في الغابة التي نعيش عليها جميعاً حيث لا مكان لحقوق الأفراد , ولا مجال لحرية الإنسان ولا رفاهية له في كرامته.

وفي تكرار رتيب اعتدنا عليه حتى صار كأنه عادياً , اعتدت تلك العصابة من البلطجية على مجموعة من الطلاب الذين وجدوا إخوتهم ينتفضون في الجوار لا يهابون الموت بل يستقبلونه بضحكة الأبطال , هم أثاروا الحرية والكرامة على الحياة ! في حين أن " الأخت الكبرى " مصر لا تأبه ولن تأبه بهم , ولكنها تشارك في حرب اليمن , نعم إنها النخوة , اضحكوا! النخوة - يا صديقي الذي لا تعلم - تُشترى بالبترول وبالدولار , فلتتوقف عن الأحلام قليلاً. نرى ونسمع الأخبار اليومية عن اعتاءات الأقصى دون أن نحرك ساكناً , اللهم إلا أننا ندين ونشجب! لم يبقى إلا أن تساند الشعوب بعضها ولو صورياً بالتضامن والتعاطف لأن الحكام ينشغلون الآن بقضايا أخرى أهم من تدنيس المسجد الأقصى وهدمه , أهم من دماء العرب كلها! ولكن في أي نظام يا عزيزي لا يعد حتى ذلك ممكناً ؟ في أي نظام يا صديقي لم يعد لك الحق في الاعتراض على قضية قومية لا تهز عرش نظامك الحاكم في شئ ؟ في أي نظام لا يوجد هناك مساحة للتحرك الشعبي في الشوارع لإعلان التضامن والمناصرة ؟ بل ولا توجد هناك مساحة لأن تعلن - أنت شخصياً - التضامن مع الانتفاضة الفلسطينية ضد الاحتلال الصهيوني على الملأ ! فأين يا أحبائي أصبحت هذه جريمة يستحق من يقترفها أن يُمنَع ؟ لماذا تُمَزّق صور شهداء الانتفاضة ؟ لماذا تُنَكس أعلام فلسطين في بلادنا ؟ لماذا يمنع هذا الشكل الرمزي للتعبير عن التضامن " الرمزي " أيضاً من طلاب هم واجهة الشباب المصري والعربي في واحدة من أكبر المجتمعات الجامعية زخماً وتنوعاً وعلماً وفكراً ووعياً وثقافة؟ متى أصبحنا آلات لا تُشارك العالم في شئ ولا يهمها سوى الدخول لتلقي المحاضرات والخروج في سلام؟ منذ متى وطلاب الجامعة ممنوعون عن المشاركة في الحياة والفكرية والسياسية؟ كيف نتقدم في ظل نظام يُخَرّج أجيال من التروس التي تخدم النظام الكبير بلا عقول ناقدة ولا وعي فاعل ومؤثر ومُغير ؟ من له المصلحة العليا في ذلك ؟ ثم ما - برأيك - وضع النظام الذي يغني ويتغنى بالدفاع عن العرب ليل نهار ثم يترك إخوته يُقتلون ويذبحون بجانبه ولا يعترض ؟! بل يساهم في حصارهم وتجويعهم وإذلالهم عبر الجانب الآخر من سجن الفلسطينيين : مصر , بجانب الكيان المغتصب. هل علمت عن من يدافع نظامك الآن؟

هل أدركت كارثة أنك لست حراً على الإطلاق ؟

ليرحمك الله , وليرحم من يقاومون الأغلال في كل بقعة من بقاع الأرض , المستبد عدو الإنسانية , لقد ولدتنا أمهاتنا أحراراً , وسنظل نقاوم إلى أن نموت , فالموت حرية من الحياة إذا كانت الحياة تسجن روح الإنسان التي تأبى إلا أن تنطلق!

الخميس، 15 أكتوبر 2015

Alphabetical theory

And here's my theory :

Love is better from distances , Get closer lose more , Be vague lose people , Be clear lose yourself , Your kindness is weakness , You maintain then you beg , Silent? Fuzzy , Talkative? Annoying , Loving? Hasty , Patient? Coward , Right? Extreme , Left? Infidel , Center? hesitant.

Here is the conclusion :

Do any hell of thing in the universe , you will always be wrong in other's eyes , just do what you ONLY see right , and FUCK PEOPLE.

الليل والشمس

أربّع قدمي
وأنظر صوب السماء
فهل ينزلُ محض ماءٍ
فيروي لساني
وأنظر صوب الأراضي
أراضي أنا
أم سأكفُر ؟
سأبقى وأنظُر
وأدعو عساني
وأجلسُ تحت السماءِ
أوازنُ بين الأمل واليأسِ
أنا في الليل الذي طال جداً
أظنهْ سيذهبْ،
لتصعَد شمسي

الأربعاء، 23 سبتمبر 2015

يا ليلة عودي

يا ليلة عودي
ورُدّي
وشِدّي عودي
ولساني
لسّاني بكتب أغاني
وبعرف اظبط قوافي
وامشي على الرملة حافي
وارجّع الزمن القديم
أيام ما كنت ابراهيم
وسيد احمد وحمزة
إوعوا تلوموا التلامذة
لسة ماعرفوش طريق
بيلجّوا كل المسالك
ويحجّوا بيت الزمالك
ويملوا كل السطور
ومعاني داخلة وخارجة
وخطاوي جاهلة وعارجة
وهي سحلة
نفوتها
نسكن خيامها
وبيوتها
ونعيش حياتها
وموتها
ونموت نموت لاجل فكرة
ونبقى في قلوب جيناها
طول الحياة أحلى ذكرى
ياهل الكرم والنباهة
والجدعنة والشباب
اه عشنا أيام هباب
وعملنا كل الحاجات
وخُضنا كل المعارك
بس الغلط في الحساب
لما حسبناها سهلة
وبسيطة نملُك بلادنا
إزاي هييجي الأعلى
قبل امّا ييجي الأدنى؟
إزاي هييجي الأحلى
وانتَ ماشفتش قبيح
ولا توصل ازاي سفينة
من غير معاكسة ريح
وانا عارف انّك جريح
من يوم خيانة الديابة
وانتَ الأسد في المهابة
وأديك فهمت
دي غابة
وأيام كتيرة
وكآبة
وسامحني يابني
كتابة
النوم غلبني
وهصحى!
هكتبها عامّي
وفصحى
الديب ضربني
وهاكلُه
وساعتها راح ينسى
شكلُه
وانا حامي دمّي
وغالي
وهفضل اكتب أمالي
وادعي لشهيد المعالي
يجعل له قصر
في جنّة
ويخلي مصر
عشانّا
ويهد كل
أملهم
ويجزي سوء
عملهم

وادي الشعراء

أيها الشاعر خُذ قيثارتك
وألحانك
وسيب مكانك للي عنده كلام
خطوة لورا أو خطوتين قدّام
في طابور كبير
في بير
مليان حروف
كتير
وفيه حماس
وناس
جايين يغنوا
يقولوا
ويقيسوا ليلنا
وطوله
وفين دليلنا
روحوله
خلوه يجيلنا
ويملّي
إحنا اللي قاعدين
تملّي
مستنيين
التَجَلّي
واقفين نوطّي
ونعلّي
ماشيين
على حبال
المشاعر
في جبال
هيمالا يا شاعر
إحنا صوفية وأشاعر
متلحفين بالقلوب
وقلوبنا طفحت ذنوب
واللي يفكر يتوب
يتوب ويرجع ويسمع
خطوب ومغنى وقصايد
ونكتب اربع بيوت
ونصلّي أربع فرايض
إحنا اللي جاريين
بلادي
واقفين في وادي
ننادي
ننادي عاللي سمعنا
ونكتب إحنا
رجعنا
ونقول لريحنا
تهِب
ولِقلوبنا تصفَى
وتِحِب

حديث الحلوة (1)

الحلوة دي قامت تعجِن في الفَجرية
ولَقتني قاعد بكتب أغنية!
وقالتلي ياه معقول سهران تكتب للبت؟
قلتلها لأ
انا زيّك هنا
بعجِن وألِت
واعيد وأزيد
واكتب تفاريد
واكُل واشرَب
واثبَت واهرَب
واشتري وأبيع
وأحب واسيب
حبيبي الحلو
يروح لحبيب ~
ونعيد تاني
نفس المرمطة
عفريت جاني
قال عايز غطا
قال الشتا جامد
عنده هناك
قلتله خُد
بس انا هستنّاك
انا عندي كلام
محتاج يتقال
اتحوّشلَك
في ليالي طوال
وانا قاعد هنا
من غير موّال
أو وَحش أليف
أو شِعر ظريف
ماتجيبي رغيف
م اللي عاملاه
وتسيبي كلامي
انا بتملّاه
من مصدر غير موثوق منُّه
وساعات الأرواح بيحنّوا
لحاجات حبّوها زمان بجنان
واهو مهمن كان
دي قلوب وحاجات
مالهاش أوقات
وطالما حبّيت ولقيت إن انا قلبي ناداني
راح اسيب الدنيا وما فيها وأروي أغاني!

الجمعة، 4 سبتمبر 2015

The dreamy love

You are not a girl, you are a princess. He is not your father , he is the strong king. It is not your house, it is the palace. There wasn't your district, it was the kingdom. I'm not a weak boy, I'm a brave knight which fall in the land of your kingdom among the fires of the great castle, and died under the love sky.

#InTheFantasyWorld

الأربعاء، 19 أغسطس 2015

خيالات القاهرة

الراجل بتاع التذاكر في المترو كان حاطط سوداني قدامه وبياكل هو وبيدي صحابه وانا بديله الجنيه ، في لحظة من التشوش والسلام الداخلي التام كنت مقتنع تماما انه هيديني سودانياية ، ووقفت ثانيتين مستغرب انه اداني تذكرة صفرا طويلة مش حباية مدورة. 

الأخبار والمسائل في حديث الرسل والرسائل (4)

اعتَزَمت المَسير , في عتمة الليل المُنير , تلعب برأسي الخواطر وتُقلّبها ذات اليمين وذات الشمال , أفكر في حركة الزمن والسعي وراء الكمال , تقذفني رياح الماضي وتَرُدَني أمواج المُستقبل , أسيرُ بلا أمل , بلا عَمَل , أسير بغير علمٍ ولا هُدى ولا كتابٍ منير , كأنما أجادِلُ في الطريق.

وواتتني فكرةٌ راقت إلىَّ كثيراً , أغمَضْتُ عيني للخيال ورأيتني أنظر إلى أعلى , وأنظر إلى نفسي بينا عيني تَثَبَّتت على نُقطةٍ في السماء , كأنما أنظُر إلى الله. انتباتني القشعريرة حالما خالجني هذا الشعور , وأخذتُ أهذي وأدور جَعَلني دَكّاً وخَررتُ صعقاً فلما أفقت توخّيت الهَرَب وجَريت في مُنتصَف الطريق فبادرتني سيارةٌ مُسرعة لم أكد ألمح طيفها إلا وجَسَدي مُعلقاً في الهواء عندما تباطأ الزَمَن لهُنيهة.

وعندما أدركت أن الموت ينتظرني جسداً هامداً على الأرض ثم جُثةً تتآكل تحتها , وأدركتُ أن مغامراتي قد انتهت من فوقها إلى الأبد , عَزَمت على القيام بمغامرتي الأخيرة , الأكثر إثارة على الأطلاق , وعملت كل جُهدي وقتها لأقتنصها من براثن القَدَر , بل لأختلسها من وراء أعين المنطق , ببقايا حياةٍ تناثرت في الأرض وفي الهواء , وأمسكت بطَرَف روحي الصاعدة إلى السماء.

صعدنا , وبالكاد احتَمَلت ثُقلي , ذلك أن الروح يثقُل عليها من لا تألفه , نفساً دنيويةً مُثقلةً بالسواد , وقالوا : " الأرواح جنودٌ مجندة , من تعارف منها ائتلف " , فتاعرفنا , وعندئذ فقط , أصبَحْتُ في وزن ريشةٍ مُتهادية. حدثتُها عن نفسي , عن آلامي , عن آمالي , عن أخطائي التي لا إصلاحَ لها , وعن مخاوفي التي لا محيصَ عنها , حدثتُها عن أصدقائي الذين حييت بهم وفيهم وإليهم , وعَن حُبي الذي طالما كَبّرته وملأته من نفسي حتى خَلُدَ وهَلَكْت , عَلَى ودَنوت , عن ذنوبي وعن إيماني بالله , حدثتها إلى أن ألَفتني شيئاً فشيئاً , حتى كدت أن أصير هي , وكادت هي أن تصير أنا , وكِدنا أن نُصبح واحداً كاملاً , لولا أن الكمال لله.

عرجنا إلى سماءٍ سويداء , يقال لها سماءُ الأسماء , على بابها آيةٌ كأنما هي الباب , من فهمها رأى ومن لم يفقهها لَجّ في ظلماتِ الضلال , تقول : { سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى? يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ } , ثم نزل شئ في قلبنا لم نفقهه ظننا أنه زادنا شعوراً على شعور , وولجنا. ثم نظرنا شمساً يقال لها حبيبةَ النور والظلام , لا اقتراب منها ولا اهتداء بنورها إلا من بعيد , فمن يقترب منها يفقد قلبه الذي يرى ومَن يَختار ظلام القلب القريب على نور العَين البعيد؟ ونَظَرت على صدري فإذا وساماً عَلَق به من دون أن أشعر , جاهدْتُ في انتزاعه , ولكنني مع الوقت - ورغم محاولاتي - تركته , لأنه كان قريباً جداً من قلبي بحيث أحببته , وأحببت وجوده , بل وحاولت أن اُقرّبه أكثر , لولا أنه جَرَحَني فتركته وواصلت طريقي. وإذا أنا وروحي الطائرة , في جولتنا الباهرة , تَجَلّت لي نجمةٌ علياء أخَذتني , جَذّبتني من حيث لا أقاومها , وقعت خطأاً في مدارها الفسيح , وتركت نفسي , ولكنني مع ذلك لم أدرِ بعد إذ كيف تغيّرت القوى وتَحَولت ضدي , وسَعَت تجاهي , لأنني اقتَرَبْت , ولكنني حَلَفتُ أنْ لم أقترب , وأنّ لم تكن ليَ البادرة , ولكنّها روحي الغادرة! غضبنا , وتخاصمنا , وتباعدنا , تباعدنا حتى كِدتُ أهوى إلى قبري الأرضي لولا أن جَرت في قلبي مناهلُ إيمانٍ جارية , جَرَت في دمائي ورَوَت روحي العارية , وعاد اندماجنا وعدنا في انطلاقنا من جديد , وعقدنا العزم ألا نسعى إلا إلى الأمَل البَعيد.

ثم خرجنا إلى سماء أثيرية , ذات كواكب مرمرية , ذكَّرَتني برسالة في الوصلِ استقبلتها , وأخذتني لدروبٍ سلكتها , وقرأت كأنما اُغنّي :

" أما رسالتى فأبعثها من المريخ .. بلا عنوان .. بلاتأريخ .. وتعبر أزمانا قد نسيت هويتها .. من عصور الروم الى عصر يا "خيْبتها" .. تحمل أشواقا والاما وتين الوادى .. على محور الـ"اكس" برتمه الهادى .. بسرعة تساوى الطاقة على "ستة" .. وكام فى ذاك الكون من فتا فلتة .. أعلنو أن رئيسهم شومانى الأصل والمنشأ .. وأن ذاك الفتى الشاعر هو الأسوأ .. اذ ينسى فروض الصحب أحيانا .. واذ أهلكه العمر تذكارا ونسيانا .. وأفكارا ونسوانا .. وسجائرا بعبق التبغ يكسوها .. ترفعها سماوات تلك الروح ترنوها .. فأصير طائر هدهد وقردانا ونسمة ريح .. ملعون يا ذاك الحب الصريح .. ولكنى لا أكاد أخفيه يا صديق .. وكيف أسير فى درب بلا رفيق .. هذا موفد رسالتنا والرسول .. وقبل الختم أود أن أقول .. فلتنتظر منى رسائل أخرى .. حين تفك عن روحى الشفرة "

الرسالة الأولى

شنداريات

فَنَظَرت فإذا كوكب أحمر مُتّقَد. هل أجده؟ أعتقد. نزلنا المريخ وسمعنا صَدَى أناسٍ عبروا هاهنا , بصخبهُم الطفولي , يتسامرون في ليالي الشتاء , تحت سقف السماء , يلجوا القلوب بسحرِ الشَغَف الأول , الحُب الأول الذي جمعهم وحلّقهم حول الموائد وأشركهم في الوسائد بعد الكلام عن الدنيا والناس والنساء والأشياء. عبر هذا الصدى حثيثاً من فوق روحي الذائبة بفعل الرطوبة فوق الكوكب الأحمر , أو بفعل الزمن. كانت صحراء خالية , بالية من كل مظهر , ولكننا إذ كنا نسير في نسيمٍ جديد , هبّ إلى أسماعنا صوتٌ هديرٌ بعيد. طِرنا إلى حيثُ يأتينا الصوت , بفرحة من يسعى إلى الكنزِ في الصحراء , وفجأة صدمنا خُفّاشٌ خفيفُ الروحِ يرى في الظلام , هدانا إلى حيث جَلَسَ أخينا المقصود , المدعو محمود , يجلس بين زُمرةٍ من النساء الحسناوات , ويَنشُد الشِعر!

فينظُر إلى إحداهن ويقول :

يا لطيفة كالقطيفة
لكِ قلبي والحنان

وينظر إلى أخرى فيقول :

يا جسد مثل الأسد
لكِ عيني واليدان

ويمد يده نحو ثالثة فيقول :

يا ورود الوَجنتان
هذي زهرة أقحوان

ثم يعبس ويلتفت :

من يُحلّق فوق رأسي
من هُنا! واها!! شومااان!

تلاقت روحي وروحه من جديد , بعد زمنٍ طال واستطال , سألني عنّي وعن حياتي وحُبي وكيف سارت الأمور , وسألته عن أيامه وشغفه وفيمَ يُفكّر , وقلت له : من أين أتيت بالنساء ؟! فقال : النساء من الزهرة يا غبِي , فقلت : اتركهم واصعد معي , وذرعنا المريخ ذهاباً وإياب نتحدث عن كلِ شئ , من أول حديث عن الشِعر في حديقة الأزهر , مروراً بالتوغّل في الوصل في شارع المعز , وصولاً إلى أحاديث الحُبِ في البحوث وشارع الهرم , انتهاءاً بليالي وسط المدينة المُبهرة دائماً. تذكّرنا كل شئ , طفولتنا القريبة , إخفاقاتنا , نجاحاتنا الصغيرة المُحببة , عالَم ناسٍنا وأحاديثِنا الباسمة , والحب الذي يرسم الدوائر فوق رؤوسِنا وينشُر رائحةَ الذكرياتِ التي تستقر في قلوبنا إذا ما حان موعد الافتراقِ الوَقتي.

ثم أخبرته أنني جئت بنفسي لأسلمه رسالتي التي طال انتظارها , رسالةً ظنَّ الناسُ أن صاحبها مات ولن يكتُب , ماتَ وتَرَك روحه , وها أنا ذا حيٌ , وكما قال أحدهم في الماضي القريب : " هو يعيشَ ليكتُب " :

أخي العزيز , القريب إلى قلبي دائماً , المستقر في أعماق عقلي الذي أطل من عينيك فعرفَ كيفَ تُرَى الحياة , صديقي الذي أعارني جزءاً من روحه عندما جمعتنا الأقدارُ في مركبةِ الزمنِ السابحةِ بمحض الصُدفة في بحارِ الأقدارِ المتداخلة , أعارني جزءاً من لسانه الذي بُهِرت به وقتما وقع على أذني , بُهِتَّ به حالما وقع على نفسي فأخمد نارها وأحكم حصارها , خليلي الذي حسبنا في لحظة من لحظات الحياةِ أننا واحداً , رفيقي في الطريق الذي لا أحسب أن حياتي الماضية المُفرطة في الأزليةِ قد بدأت من دونه , من غير وَقع كلامه في روحي. الأخ . القائد . الفارس . خُفّاش بن الذين أحببتهم لمّا عَلمت أنهم كانوا سبباً في اكتمال دورةِ حياتي , من العدم إلى التكوين , ثم إلى الروح عندما اكتشفتُها هُنالك , في عينَي صبيٍ طَلِق اللسان كثير الدُعابة صوته يسبقَه , ثم إلى المادة التي أحرَقَتني وأبعَدَتني عمّن أحب , ثم إلى الحياةِ الميكانيكية التي يعيشها الأفراد , يصحوا فيأكلوا ويعملوا ويناموا , بلا روحٍ حقيقية , ولكنها روحٌ اقتضتها قوانينُ الطبيعةِ لاستمرارِ الحياة. هذا أنا يا صديقي , لم أكن أرغب في ترككم أبداً , أو بعد الأبد , ولكن هذا العذاب المرير أفحمني في كل شئ , شوّه نظرتي عن الفن والجمال , كنت أكتشف ذاتي حثيثاً في شهور دخولي الأولى , وكنت أحب الفن وأكره المنطق , أحبُ الروحَ وأكره المادة , وربما كان هذا تفسيراً لعلو روحي في أيامنا نحن , قبل أن يلهينا الانقسام , وعندما حلّقت بروحي أسقَطوني , وحاولت مراراً فأسقَطوني , ثم قررت أن أنحو نحوهم , فكنت منطقياً جداً إلى حدِ الخواء , أضع الغرفاتِ بجانب بعضها ليصبحوا بيتاً , كما أصبحت في هذه المرحلة من حياتي الفكرية أضع الكلماتِ بجانب بعضها ليصبحوا بيتاً مماثلاً , خالياً إلا من الكلمات ولكن بلا معنى. تَذكُر هذه الفترة أليس كذلك؟ نعم أعلم أنك لاحظت ولم تكن تُريدُ إحباطي في محاولاتي للحفاظ على ذروةِ الأدبِ بلا جدوى , بل إنها كانت محاولات للحفاظ على استمرارِ الكتابة فحَسْب , ولكننا لم نتكلم كثيراً يا صديقي لماذا لم نتكلم في هذا الشأن ؟ لربما أدركنا أشياءً كثيرة كانت لتُغير أشياء , ولكن هاك ما حدث , بَعِدْتُ كلِ البُعد عما يسمى فناً وتوخيتُ إلا أن أصيبَ القانون في عمقِه ففشلت أيضاً لأنني لم أصنع سوى مسوخاً غير صالحة للرؤية فمابالك بالعيش. هكذا توالَت انتكاساتي في هذا المكان بينما يستَمِر الآخرون , وكنت ضعيفاً فسعوا لأن يساعدونني وكانت مساعدةً مجديةً لكن دون فائدةٍ حقيقيةٍ في مشكلتي , مشكلتي يا صديقي أنني لم أضعَ الأشياء في عقلي في أماكنها الصحيحة , حَسِبتُ أنني ساُبدع فجرّدوني من كلِ إبداع , وصِرتُ آلةً راسمةً فجردوني من آليّتي ووقفت حائراً , هنا , بلا أي شئٍ اُقدّمُه , عندها فقط , بدأت اُفكّرُ في مُستقبلي.

ها أنَذا يا صديقي الذي سيظل صديقي وإن فرّقت بيننا الأيامُ والسنون , السنون التي تُفرّق ولا ترحَم , بل وتُقسّي القلوبَ أحياناً وتُفرّغ النفوس فإن جالستُ صديقاً لك لم تعُد تجالسهُ كما كنت لأنّك مشغولٌ بما برأسِك أو في قلبِك أو بين يديك , هاك الدُنيا يا صديقي ولكننا علِمناها وعرّيناها من كلِ خِدعة , عرّيتُها عندما اقتَرَبْتَ من حقيقتي أو حاولت , عندما اعترفتُ لنفسي بخطأٍ وحيدٍ هي أنني كنتُ أرسِم ولم أكُن أحسِبُ جيداً. الآن صِرتُ ضليعاً في الحساب بشهاداتٍ قد تَصِلَك كلَّ حينٍ عنّي وعن أخباري السارّة التي أعذُرك وأعلم أنها تُسعِدُكَ عنّي ولكنّك في شغلٌ فاكهٌ في دنياكَ الدائرة. الآن استعدُت آلتي وأصلحتها وأطورها يوماً بعد يوم لتواجه الدنيا التي لا تسيرُ إلا بقوانينِ الطبيعةِ والمنطق , وأسعى الآن لاستعادَةِ روحِي التي تَسَرْبَلَت منّي في غيومِ البلاد. البلاد القديمة القاسية , والبلاد الجديدة التي لا تنام كي تَحلَم. حدّثني عن أحلامك , هل تغيّر لونَها الأسوَد؟ حدّثني وحدّثني إلى أن أمِلُّ من صوتَك المُزعِج , فقد مَلِلتُ من صدَى صوتي , طيفاً عابراً بلا صديقٍ يُعره سرّه إذا نظر في عينِه , بلا حبيبٍ يحمل على قلبه حُبي الثقيلَ المُفرطَ في الحُب , أجلِسُ وحيداً في غرفتي الصمّاء , بين الجدران الصفراء , أتأمل عَرَقي وغَرَقي في الفراغ الذي ينتظر تغييراً يفتح له باباً من أبوابِ الأمَلِ في رؤيةِ الحياةِ مِن جَديد. الحياة يا صاحِبي هي الأرواحُ التي تأتَلِف في مَلَكوتِ السَماواتِ والأرضِ بلا سابق ترتيب , يجمعُها القَدَرُ ويؤلفها الحُب. ما معنى الحياةِ أيها الأخَ الغارقَ في الدنيا إلى عينيه؟ ما معنى الحياةِ بلا رفاقٍ في طريقها؟ بلا أصدقاءٍ يتقاذفونَ السُبابَ والفَلسَفةَ تَحتَ جنح الليلِ في المقاهي على أرصفةِ الشوارع , بلا أحبّاءٍ تهفو روحُنا إليهِم ونرفع حُبنّا إليهِم مَراتِبَ السماءَ بلا عمدٍ نراها , تتعلّق بأطيافِهِم , تَخطو على آثارهم ملتَمِسة بقايا روحٍ أو رائحة , بلا أقرباءٍ نسعى بأرجُلِهِم تحتَ أشجارِ التوتِ الظليلةِ بينَ النسماتِ العليلة , نهمس لهم فيسمعونا وننظر فيقرؤونا , يكرهونا ويُحِبّونا ونُحِبَّهم ونَقتَرب كما تقترب السماءُ و الأرض عندَ هطولِ المَطَر , ننظُر فلا أحدٍ يوجد سوانا , نمشي فلا أحدٍ يمشي فوق الأرضِ غيرنا , نَسرَح ونَغيبُ ونَعودُ وهكذا الدنيا دوال لا تبقى على حال , ما الحياة بلا هذا وذاك وهذي وتلك وهذان وهاتان وهؤلاء! قُل لي!

ها أنذا يا صديقي القديم , الجديد , المُتجدد , المٌتَشَدّد , أجلِس على شاطئ الحياة وأنتظر , تلمِس الماءُ قدمي فأخافَ وأرجَع , ثم اُقدِم واتَشَجّع , وأفتح صدري للمياه كما فتحتها قبلئِذ للرُصاصِ القاتل , لا المياهُ أغرَقَتْني ولا الرصاصُ أصابَني , أمُرُّ بروحٍ خفيفةٍ في كلِّ وادٍ غيرِ ذي زرعٍ وأمكُثُ ثُم أذهَب , رحّالة في بلادِ الأرواحِ الحبيبةِ الطيّبة , أهلَكَتني الأسفار يا صديقي أَسعَى. أَسعَى إلى قِمةٍ لا أراها ولكنّها هُناك , إلى حُبٍ لَم أعِشَهُ ولكنّه هُناك , إلَى مَجدٍ لم أُحقِّقَهُ ولكنّه هُناك , هل تَرَى؟ تحسَّس عَينيكَ الآنَ هَل ترى؟ هل تَشعُر؟ انظُر ذاتَ اليمينِ وذاتَ اليسار وقُم فادخُل شُرفَتكَ الآن وانظُر إلَى ربِّك الأعلَى خالِقَ السَماء , أُنظُر إلى السماءِ سَتَراني هُناكَ عَلَى كوكَبِ المَريّخِ الأحمَر المُتَّقد أَجلِس إليكَ على ربوةٍ مِن روابي نَحَتَها التاريخُ قبلَ وصولِنا , وأقِم نَظَرَكَ أمامكَ فَسَتَراني هُناك , في غُرفَتي الهادئة , التي لا تَسِع روحي الصابِئة. وقال تعالَى في سورةِ الحِجْرِ : { يُلْهِهِمُ الأَمَلُ }. أَجلِس - يا صَديقي العَزيز - عَلَى شاطئِ الحَياة ناظراً إلَى نُقطَة بَعيدة مجهولة , لا يُلهني , يا صديقي , في هذِهِ الدُنيا , إلا الأمَل.

الاثنين، 17 أغسطس 2015

60x70

لما كان حد يقول قدامي ده راجل ابن ستين في سبعين كنت دايماً اقف عند الجملة واحاول افكر ازاي مامته وباباه ممكن يكونوا 70x60 واجرب اشوف ناتج الرقم هيبقى ايه وماوصلش برضه ازاي الرقم ده هيبقى شتيمة , لحد ما أدركت من فترة قريبة ان المصريين مكفّتهمش الشتايم الأصلية فبدأوا يفرّعوا ويولّدوا ويعملوا متسلسلات لانهائية من الشتايم ممكن تتابع معدل تزايدها في أي خناقة عابرة في عرض الطريق وتقارن بينها وبين دالة النمو الأسي لو حطينا الشتيمة ( أو قُل محاولة الشتيمة ) على المحور الرأسي والزمن على المحور الأفقي. وأمثلة على ذلك :
يابن بنت الـ ... , بعد ما كانت يابن ... بس ,
.. أمّين , بعد ما كانت .. أم واحدة ,
بعد كدة نفس الشتيمة بس للي جابوا أو للي خلفوا أياً كان عدد الأمهات والأبهات ,
ابن ستين وسخة بعد ما كان ابن وسخة واحدة غلبان ,
ابن دين أي حاجة ~
to be continued ...
وأي تطويل وتركيب وكإنه حاسس بتبلد الشتايم القديمة ( الفاضحة ) وبيحاول يطول سلاحه ( لسانه ) اكتر عشان يحاول يغرز في اللي قدامه ويحسسه انه اتشتم , الشتيمة بقت زي السكينة من كتر ما بتُستَعمَل بتبقى باردة ومحتاجة اللي يحميها ويخليها بتلسع زي زمان.

احنا مجتمع مبدع يا جماعة بدليل إبداعنا في الشتيمة وتوليدها , مابهزرش والله , الموضوع بيبقى كوميدي ومبهر بالنسبة لي لما اسمع واحد بيشتم صاحبه بشتيمة جديدة او بطريقة مبتكرة , بحس اللي هو إيه ده احنا بنعرف نعمل حاجات جديدة اهو , ومرة في 2014 كتبت في النوتة بتاعتي عن الراجل الغريب اللي كان قاعد ورايا على القهوة وبيكلم واحد خلصله شغل على واحد تاني ضحك عليه وجسمه بيتشال ويتحط من كتر ماهو بيحاول يردله اللي عمله فيه بالشتايم وأولادها وأحفادها , كتبت لإني لو مكنتش كتبت كنت هنفجر من الضحك على الجمل العبقرية اللي بيقولها.

الخميس، 13 أغسطس 2015

يبدو أن الأمر طال

يبدو أن الأمر طال .. أم تَرين الأمر مات
هذي حالي البائسة .. في الليالي المُجرمات
في بلادي آنسة .. لن يكفيها غَزَلي
خذوا نفسي اليائسة .. أو أعيدوا أملي !

هذا شاعر لم يجد .. وادياً أخضر يصف
هذا عاشق لم يصل .. طللاً مُهدَراً يَقف
هذا فارس لم ينزل .. أرضَ حربٍ يلِف
أعيروني بالكم .. واستعيروا مللي !

ثم أنظر فوق هل .. هذا القمرُ ؟ بلى !
القمر هو من توارى .. ثم أفصح واعتلا
لكنَّ مثل صاحبه .. قد تحاجَب وانجلى !
وتركني أمشي هوناً .. تحت ظل الليلِ !

أيها الشِعر العظيم .. صاحب الجمع الكريم
اجمع الكلماتِ وامشوا .. واستعيذوا من الرجيم
واتركونا حتى نبدأ .. بسم رحمَنٍ رحيم
يا قرين الحُب إذهَب .. كي اُزاوِل عَمَلي !

الأحد، 2 أغسطس 2015

انتباه

انتباه
حيوا العلم
هاتوا القلم
واكتبوا
اللي قلب البلاد
وساد
وركب القصر
بكرة تشوفوا مصر
بتقلبه

الأحد، 12 يوليو 2015

الكيفيات (4) : كيف أخَذَت الهزائم أشكال الإنتصارات

-1-
كُنا هُنالك على السطح , نهرب من اللعنة التي تلاحقنا , وتارةً نواجهها , ثم يأتي مَشهد القطار الذي نُضَمّنه في هروبنا , وكُنا نحن الأشخاص الجميلون الذين عرفوا بعضهم منذ ثلاثة أعوام , وكانت “ ياسمين ” تُحارب الرَجُل بالحَجَر , ثم حََدَثت ثورة ما وانتصرنا بالنشوة وقوفاً في أماكننا , ثم جاء “ مازينجر ” من بعيد يُنبئنا بالخلاص السعيد من كل ما ارتفع عن الأرض لتتساوى كُلها ويصير الأفق واحداً , ففرحنا وبكينا من دموع الفرح , ثم اتخّذنا من الأرض مرتعاً وملعباً إلى أن عَلمنا الحقيقة , أن الأرض لن تُهدَم إلا عندما نُهدَم معها.

-2-
كُنا هنالك في القلعة والحرب قائمة , ثم وَجَدنا أننا ثلاثة أطراف لا اثنين , ثم تورّطنا في المَقتلة فكُنا لا نعلم من الصديق ومن العدو , فكانت ثلاثتنا مَزجاً وحشياً مرعباً , حتى علمنا أننا جميعاً هالكون. وعندما نجونا اتسعت القلعة وزاد الأعداء والأصدقاء , فكان السود والبيض , وكنت أمسك سلاحاً أضرب به فلا يقتل , فالتقطت سلاحاً صاروخياً يقتل فلا أصيب , وكان “ بوتين ” يجري من أمامي , عندما اقتحمت قوات الأمن السوداء تحصين القلعة , وانهالت عليهم الضربات من كل صوب , ولكنّهم دخلوا.

-3-
كنت في الميدان أهرَب مع الهاربين , وأبالغ في الهروب مثل كل مرة , لكنهم لحقوا بي مثل كل مرةٍ , أيضاً.

-4-
كُنت أحبُّكِ من كل قلبي , حتى أخذتيه وأنا كُلي رضا , فأنا الآن بلا قلبٍ أحب به.

الخميس، 9 يوليو 2015

المتوازيات (1) - المتنبي جائعاً

أُغالِبُ فيكَ الشّوْقَ وَالشوْقُ أغلَبُ ... وأطلب منك الوَصل أو نُص أرنب
أمَا تَغْلَطُ الأيّامُ فيّ بأنْ أرَى ... رغيفاً تُنَائي أوْ كباباً تُقَرّبُ
وَكَمْ لظَلامِ اللّيْلِ عِندَكَ من يَدٍ ... تُخَبِّرُ أنّ الملوخية تَكْذِبُ
وَقَاكَ رَدَى السلطات تَسْري إلَيْهِمُ ... وَزَارَكَ فيهِ ذو المخلل المُحَجَّبُ
وَيَوْمٍ كَلَيْلِ العَاشِقِينَ كمَنْتُهُ ... أُرَاقِبُ فيهِ الشّمسَ أيّانَ تَغرُبُ
وَعَيْني إلى أُذْنَيْ أغَرَّ كَأنّهُ ... منَ المحشي باقٍ بَينَ عَيْنَيْهِ كوْكبُ
لَهُ فَضْلَةٌ عَنْ جِسْمِهِ في إهَابِهِ ... تَجيءُ على صَدْرٍ فرخة وَتذهَبُ
شَقَقْتُ بهِ الظّلْماءَ أُدْني عِنَانَهُ ... فيَطْغَى وَأُرْخيهِ خضاراً فيَلْعَبُ
وَأصرَعُ أيّ ديكٍ قفّيْتُهُ بِهِ ... وَأنْزِلُ عنْهُ مِثْلَهُ حينَ أرْكَبُ
وَما اللحمة إلاّ كالصّديقِ قَليلَةٌ ... وَإنْ كَثُرَتْ في عَينِ مَن لا يجرّبُ
إذا لم تُشاهِدْ غَيرَ حُسنِ شِياتِهَا ... وَأعْضَائِهَا فالحُسْنُ عَنكَ مُغَيَّبُ
لحَى الله ذي الدّنْيا فراخاً لراكبٍ ... فكُلُّ بَعيدِ الهَمّ فيهَا مُعَذَّبُ
ألا لَيْتَ شعري هَلْ أقولُ قَصِيدَةً ... فَلا أشْتَكي فيها وَلا أتَعَتّبُ
وَبي ما يَذودُ الشّعرَ عني أقَلُّهُ ... وَلَكِنّ قَلبي يا ابنَةَ الكَلب قُلَّبُ

الجمعة، 3 يوليو 2015

فانتازيا الثورة : الملحمة الثامنة

في البدء أتسائل , هَل أكتُب ؟ في أغلب المرات تكون الإجابة لا , ومرّة من كل عشرين مرة تقرأ كلامي. بعد أحداث شَغب طالت البلاد في مارس 2016 , مرّ أحد المارة من شارعه بالصدفة البحتة في يوم الخميس 24 من الشهر نفسه , فَوَجد كميناً أمنياً هائلاً يقسم الشارع نصفين , أحدهما يذهب إلى ميدان الخلفاوي في منطقة شبرا شمال القاهرة , والآخر يذهب إلى كورنيش النيل في المنطقة نفسها. ورَوَى الآتي :

بدون سابق إنذار , اخترقت ثلاثة رصاصات أجساد ثلاثة من رجال الأمن , ضابط وأميني شُرطة في لحظات متلاحقة سريعة , انتفض باقي رجال الأمن ممسكين بأسلحتهم الصغيرة والكبيرة مصوبين إلى الفراغ ومُطلقين الأعيرة النارية في الهواء ترهيباً , فانطلقت رصاصة أخرى اخترقت صدر ضابط آخر وأردته بجانب إخوته , وكان الرد بذات الطلقات في الهواء , لأن رجال الأمن لم يعلموا من الذي يقتنصهم.

خرج قائد الكمين من مركبته وأمر باحتجاز الشارع من الناحيتين , من أوله إلى آخره , وتوقيف كل السيارات والعربات والعجلات بل وأي شئ يمكنه التحرك في مدى الشارع , ثم استدعى الدعم من قوات الأمن المركزي والقوات الخاصة وقوات التدخل السريع من قسم الساحل وقسم أول شبرا الخيمة لعملية خطيرة.

في البداية أمسك أحد رجال الأمن مكبر الصوت ودعا مستقلي السيارات المحتجزة إلى عدم القلق وأنه سيتم تفتيش كل سيارة وتفتيش أفرادها حتى الوصول إلى القاتل , تزّمر الناس وزَمَّرت السيارات ولكن القائد زَعَق بأن " ماتصبروا يا جماعة فيه ايه ؟ فيه مجرم وسطكو واحنا مش هنتحرك من هنا غير لما نجيبه " ثم هّلَّت بشائر ثورة أخرى أقل بجاحة أخمدتها في مهدها رصاصة من سلاحه الخاص ذَهَبت إلى السماء ووَقَعت فوق رأس..مَن؟

مرّت نصف ساعة كاملة في تفتيش أول أربعة سيّارات , خَرَج رجل مُلتحي من سيارته في الصف السابع من الكمين ناحية النيل وأعلن غضبه وأنه لا يصح أن تقف مصالح الناس كلها من أجل العثور على مجرم واحد بينما مجرمي الدنيا والآخرة يعيثون في كل الأرض فساداً , وأن هذا الشارع ليس هو المدينة الفاضلة الخالية من المجرمين , بل هم في كل الشوارع منصهرين مع الناس والشحّاذين واللصوص والقَتَلة والمُغتصبين والزناة!

أحد الضبّاط الشباب ومعه خَمسة من رجال الأمن ذهبوا لهذا الرجل الثرثار الذي عطّل مهمتهم وشتّت انتباه الناس بل وجعلهم يتكلموا هم الآخرين! ذهب بعنجهية ضابط خرّيج حديث وقال : " اقعد في عربيتك وماسمعلكش صوت تاني لحد ما نخلص الليلة بنت الوسخة دي على خير! " , لم يستجيب الرجل بل وتمادى في رأيه أنه لابد من طريقة أخرى أسرع من هذا العَبَث , علا صوت الضابط , وعلا صوت الرجل , سبّ الضابط أمه , تطاير الشرر من عيني الرجل الذي كان يمسك في تلابيبه , لولا أن أنقذته رصاصة في الرأس من ضابط مُتَعصِّب في الكمين على بُعد 30 متر , عاد رجال الأمن لأماكنهم وعملهم كأن شيئاً لم يحدث , لحظات من الصمت المُريب , وبعدها هاج وماج الناس أن كيف يقتلوا الرجل بلا ذنب إلا أنه اعترض على الطريقة , وأنه ليس له علاقة بالجريمة وكان الأولى أن يجدوا الجاني , وكان القاتل هو الأولى بالرصاصة ليس المواطن البرئ الذي قذفته الظروف إلى هذا الشارع اللعين!

حاول القائد تهدئة الناس , لم يهدأوا , أطلق رصاصة في الهواء , لم يهدأوا , إلا أن كان هناك في الصف الثالث عشر شاب يرتدي بذلة سوداء وفي فمه سيجار وتبدو عليه أمارات الوجاهة , أطلق رصاصة مُرخصّة من سلاح مُرخّص اخترقت رأس الضابط قاتل الشيخ , وسط ذهول الجميع.

في الصفوف الخلفية لم يكن الناس على دراية كاملة بالحوادث في الصفوف الأمامية , فيمكن أن نقول أن تأثير الشيخ امتد حتى الصف الرابع للأمام وحتى الصف الثالث عشر للخلف , وأن الرصاصة الأخيرة أراحت ما بين الصف الأول ( الذين رأوا القاتل ) إلى الصف الثالث عشر ( الذين بالكاد رأوه ) , أما من الصف الثالث عشر إلى الصف العشرين فلم يروا يدركوا إلا حادثة أولى وقع فيها ثلاثة من رجال الأمن على يد قاتل مجهول , وحادثة أخيرة وقع فيها ضابط آخر على يد قاتل معلوم يرونه يقتل بينهم!

انقض الناس الخلفيون ( الصفوف من الثالث عشر إلى العشرين ) على الشاب يريدونه ميتاً بعضهم يحاول ضربه والبعض الآخر يحاول حمايته حتى تسليمه للكمين , وهرع الناس المتوسطون ( الصفوف من السابع إلى الثالث عشر ) تجاه الشاب يحاولون تخليصه من أيدي الخلفيين , حتّى خلصوه ولكن بدأت المعركة بين الفريقين.

الناس في الصفوف من الرابع إلى السابع ( الصابرون ) هم الذين كانوا على كلام الشيخ ولكنهم صاروا على اتجّاه السلاح , أي ان رأيهم تغيّر حالما وجدوا أن مصالحهم التي ذهبت ليست بأغلى من أرواحهم , وأن المبادئ والنظريات والاقتراحات لا تفيد في مثل هذه المواقف , فقرّروا الصَبر.

والناس في الصفوف من الأول إلى الثالث ( المُستعدّون ) هم الذين كان دورهم في التفتيش قد آن ولابد من أن ينتهوا من هذا الموقف سريعاً وهم أول الفائزون إذا ما سارت الأمور على ما يُرام.

كان هدف الصابرون والمُستعدّون واحداً وهو أن يسير التفتيش على منهجه الأول وأن يُسدل الستار على ما بعده من أحداث حتى ينتهوا ويذهبوا , فاتّفق الحليفان على محاولة الفصل بين الخلفيين والأماميين الذين يكادوا يأكلوا بعضهم بعضاً.

وعندما تدخل الحليفان في وسط المعركة , بدا في الأفق أن الشُرطة هي أضعف أطراف المعادلة على الإطلاق , وإذا جسّدناها في شخصٍ واحد , فستبدو مثل رجلٍ ثمين مهرول الذراعين مُنسدل السلاح مفتوح الفم ذاهل البَصَر , ربما تراوده خيالات بعيدة من أفلام الرسوم المتحركة تسعفه من هول المَشهَد.

عندما جاءَت قوّات الأمن المركزي , كانت الفوضى قد بَلَغت ذُروَتها من المُتعاركين , وكانت كُتلة البَشَر تذهب وتأتي كفعل الموج بعرض الشارع , فأطلقت الشُرطة قنابل الغاز على الجَمع بكثافة حتى تُفَرقّهم , فَتَفرّقوا في شارع شبرا وفي الشوارع الجانبية من أغاخان وفي شارع الكورنيش , حتّى أن عناصر الأمن في الكمين هَرَبت من وطأة الغاز المُسيّل للدموع.

عادت الجموع حثيثا إلى أرض المعركة بعد أن سيطرت قوات الداخلية على الوضع فطاردتهم الشُرطة , فقرروا التجمع في ميدان الخلفاوي ورفعوا مطالبهم من تغيير نظام التفتيش إلى إسقاط الكمين كلّه!

وصلت الأنباء بسرعة البرق عبر الشبكات الاجتماعية وتداول الناس مقتل رجل على يد الشُرطة في كمين بالخلفاوي ومقتل 5 وإصابة 34 شاب وتدمير 17 سيارة إثر اشتباكات في الشارع نفسه , تضامنت بعض الحركات الثورية مع الناس الذين احتجزوا وقُتلوا في الشارع وأعلنت النزول في حينها إلى ميدان الخلفاوي إلى حين فكّ الكمين و تقديم المتسببين في هذه الأحداث إلى المحاكمة العاجلة.

ازدادت الجموع في ميدان الخلفاوي حتى لم يبقَ شِبراً من الميدان لا تدوس عليه قَدَم , قرر أحد الناس عشوائياً أن يذهب بمسيرة لمكان الكمين لإعلان مطالب الثوّار , بالطبع مشى وراءه الناس مشتعلين بالحماسة ومتَّقِدين بالهتافات الثورية حتى إن اقتربوا من الكمين من ناحية " فورتيكا " بادرتهم قوات الداخلية بقنابل الغاز وطلقات الخرطوش , فجرت الجموع إلى الخلف وتقدّم آخرون يرشقون قوات الأمن بالورد وتطوعت مجموعات أخرى لحمل الذين سقطوا أو أصيبوا وإسعافهم في المستشفى الميداني في " كنتاكي " وانطلقت أخبار الضَرب كالنار في الهَشيم في شبكات التواصل ونزل الآلاف لمساندة المعتصمين ضد بطش الكَمين.

ازدادت الأمور سوءاً بعد منتصف الليل , بينما كان الآلاف معتصمين في خيامهم في ميدان الخلفاوي وحتى ميدان المماليك , الشارع الذي امتلأ بالثوار والمتضامنين , كانت مجموعة من الشباب تلعب كرة القدم بجوار " صيدلية النمر " , وعندما طارت الكُرة ونَزَلت بداخل أرض " عبدالشهيد " , تسلل أحد المراهقين اليافعين الطوال عبر السور إلى داخل الأرض .. وعندما انتظروه رفاقه , لم يعُد , بل عاد إليهم مرمياً عبر الباب , بلا حراك , بعد أن اعتدى عليه رجال القوات الخاصة المُرابطين في أرض " عبدالشهيد ".
في هذه اللحظة , دَقَّت كل عواميد الإنارة بإشارة الخطر , وصحى الناس على خبر الاعتداء على الطفل ذي الـ16 عام , وأعادوا ترتيب الصفوف , وعيونهم تسبح بين حلاوة الحِلم وشرارة الانتقام.

بدأت الاشتباكات مجدداً ولكن هذا المرة بأكثر حَميّة من التي مَضَت , إذ جَهَز المُعتصمين أدوات الدفاع والحجارة المطلوبة لعملية الكَر ثم جُلِبَت الألعاب النارية والشماريخ , وبعدها أدوات حماية الرأس باختلاف أشكالها , ومع إعداد العُدّة كانت القوة قد جُلِبَت أي المدد من البَشَر , ثم انطلق أول صاروخ إلى السماء حاملاً الشرارة , وأرسَل أبناءه الصغار يظللون المشهد بشرارات أصغر تَصغَر وتَختفي , ثم نَظَر رجال الداخلية إلى السماء مستفهمين , وبدأ الإحتفال.

بدأت الاشتباكات مجدداً في حوالي الساعة الثالثة و9 دقائق صباحاً واستمرّت حتى توقّفت مع آذان الفَجر , وأسفرت عن مقتل 22 من الشباب بالرصاص الحي وبالخرطوش واختناقاً بالغاز ودهساً بالمدرعات , وإصابة 64 منهم بإصابات متفاوتة , بالإضافة إلى إصابة 17 من أفراد الأمن , وإجبار الكمين على التراجع في أحد صولات الشباب حتى أبواب " المدرسة الفُندُقية " , وانتهت المعركة الأولى قبل آذان الفَجر بعَشر دقائق , مع انتشار الأخبار بإعلان جماعة الإخوان المُسلمين مليونية الصلاة في المساجد والزحف إلى ميدان الخلفاوي.

سُمِعَ الآذان من الإذاعة العامة بصوتٍ خفيف من أحد أجهزة الراديو على مقربة , وبعد تلاوة الآذان - وحيث نزلت الجموع لتسجُد , قرأ المُشير محمود حجازي وزير الدفاع البيان الأول للمجلس الأعلى للقوات المسلحة : " بسم الله الرحمن الرحيم , إنه بعد هذه الأحداث العصيبة التي مرت بها شُبرا ( من أغاخان لأول المماليك ) , نُعلن نزول دبّابات الجيش المصري لمحاصرة منطقة شمال القاهرة من جميع الجهات , وتحليق طائرات الهيلكوبتر والأباتشي لتمشيط المنطقة على مدار الساعة , والدفع بـ300 ألف مجند لحفظ النظام والأمن , وفرض حظر التجول من أول " ماك " لحد مركز " رويال " وإعلان منطقة الخلفاوي منطقة عسكرية , حفظ الله شبرا وروض الفرج من كل سوء , والله الموفق والمستعان! "

***

فانتازيا الثورة : المُلحَمة الثامنة

الخميس، 2 يوليو 2015

ديوان الفتح (1) : البسملة

عَفرَت وعَنكَب
وضَبْع ضاري
جايين في مَركَب
قاطع صَحاري
قطعوا خطوط
المسار الحضاري
واحتلّوا عقلي
وهيحكوا شِعر

وعَم شَركَب
ابن السَميجِل
جاي فـ جماعة
من اللي قَتَلو هيجل
عاوزين يصيغوا
العِلم المضاري
شَركَب أسألي
لَكنُّه سر

وده عربي ولّا
عربي وكَتَبتُه
حدّاد تَجَلّي
وانا جيت سَرَقتُه
الصَحَرا ولّا
الجبال الخضاري
وآدي صوت نَدَهلي
وقال استَمِر

احكي يا شهبَع
شاعر شعوره وِقِف
جِه يرَبَّع
طِولِت جدوره
وطَار فَهَبَط
والهبوط اضطراري
وده شكله فاقلي
ولَفّقلي سِحر

الأربعاء، 1 يوليو 2015

اشتياق

اشتَقتُ إليكِ كما اشتاق المؤمِن إلى الجَنّة , وكما اشتاقت التُربَةُ إلى البذور , السماء إلى الطيور , الشوارع المهجورة إلى أقدام الحياة , الجفاف إلى المَطَر , القَلب إلى نشوة الخَطَر , اشتقتُ إليكِ كما اشتاق الحاضر إلى الماضي , والمستقبل إلى الحاضر , كاشتياق النائم الحزين إلى يوم جديد , وكاشتياق المتيقظ التعيس إلى حلمٍ بعيد , التائه إلى بيته , والقارئ إلى مكتبته , والمُصلّي إلى مسبحته , كاشتياق النشيط إلى العَمَل , واليائسُ , إلى الأمَل.

الأحد، 28 يونيو 2015

معاني الحب (2)

بقالي كتير
بسرح واحتار
وانتشرِت سيرتِك
في الأفكار
دوّرت كتير
وانا جوة البير
وانا قلبي كبير
مليان بيكي
برسم وخيالي
خيال نملة
واكتِب ولا أجدع
ميكانيكي!
وانا بيري فِضي
عايز أملا
وانا قلبي رضي
شاف الأمَلَة
وكلامي صريح
محتاج خفة
وكلامي بيتقَل
عالشِفّة
من بعد ما كان
بيلف بلاد
طب كان ياما كان
كان فيه يا ولاد
شاعر عفريت
جاي من تكريت
بلسان قرشي
وبنيان حبشي
وجَلَد شامي
وعِزّة صعيدي
فين أيامي؟
جاية وراحة
راحِة إيدي
إيدي اتحَشَرِت
يمكن جايز
عفريتي مجاش
بس انا عايز

عايز أمل
أكتب عشانه
وحَدَث جَلل
اتنبّى بيه
ومَلِك قوي
أقعد مكانه
وحبيب حنيّن
أحب فيه

السبت، 13 يونيو 2015

Illustration of situation

My situation now can be illustrated by considering my brain as the World 2 and You are the hero of the game and there is rope which connects two hills above a wide deep hollow the rope can't bear more than one step and you walked through it and stopped on the very middle! Now the hero seems to be stable in his place , the life attempt won't be accomplished until the other hill is reached , you can't step back on the staggering rope , and my brain can't keep moving while this buckler is stopped.

Last battle of feel

I just want my life to run on to see you by my side finally.

الاثنين، 1 يونيو 2015

A lingual hug

Every day when a new sun shines , you experience a new feeling. A feeling that tells you you are living and changing. You are existing on the cycle of the universe. When i heard the arabic old poet Ibn Nabata Al-Masry says :

" شجونٌ نحوها العشاقُ فاؤا - وصبّ ما لهُ في الصبر راء "

I got the words like any other beautiful words , but i didn't get the deep meaning of the verse , the meaning of " patience ". Before , i was asking what is the link between love and patience? Now i got it.

Years before , i first read the verse of Antara Ibn Shaddad :

" وَلَقَد ذَكَرتُكِ والرِّماحُ نَواهِلٌ - مِنّي وبِيضُ الهِندِ تَقطُرُ مِن دَمي
فَوَدَدتُ تَقبيلَ السُيوفِ لأَنَّها - لَمَعَت كَبارِقِ ثَغرِكِ المُتَبَسِّمِ "

Yes , these are also fantastic words like the ones above , but i've also discovered their meaning from a while of thinking. The poet thinks of his darling even in his most deadly moments! he never get her out of his mind ever. He may be originally fighting for her.. or even living for her , thus , he is strong saving his life and happy of every moment he loves her in , especially hard moments. And that was the concept.

السبت، 30 مايو 2015

شتات

اكتُب ولكن مزّق الأوراق
فالورقُ ليس يثاقلُ الأشواق
أوراقي ما إن يحملوها يَضِعوا

أعطيتها كي يرسلوها طيور
من أرض ظُلمة لـبلاد النور
وطيوري ما إن أبصروها , رَجعوا !

السبت، 16 مايو 2015

الأربعاء، 29 أبريل 2015

لا تراجع ولا استسلام (1) : الطريق إلى زايد



لفترة مش قليلة , فضلت أفكر انا المفروض اكتب الكلام ده على الفيس بوك القديم ولا الفيس بوك الجديد ومين المفروض يشوفها , وعشان اريح نفسي من الحيرة دي , فانا هكتب هنا.

وانا في إعدادي هندسة كنت بتأخر دايماً على اتوبيس الصبح في رمسيس , بس كنت بلحقه كتير الحمدلله , المهم مرة وانا رايح اركب الاتوبيس كان بيتحرك خلاص , مشيت بسرعة وهو بيتحرك اكتر , جريت وهو كان بيجري وكإنه ما صدّق , فضلت اجري وراه وانا عندي أمل إني اوصلّه وبصبر نفسي بإن الطريق لازم يكون زحمة الصبح في شارع من الشوارع فانا هوصل وهلحق , جريت ورا الاتوبيس كتير لحد ما اختفى من ناظري بعد ما خرج من الاسعاف وانطلق ناحية 15 مايو , كان ممكن ارجع ساعتها رمسيس واركب ميكروباص , بس انا ماستسلمتش وفضلت ماشي في نفس التراك بتاع الاتوبيس وانا لسة عندي الأمل إني هقابله في زحمة من بتوع الصبح اللي اختفوا فجأة يومها , فضلت ماشي لحد ما عديت سور نادي الزمالك ومشيت لحد ما وصلت ميدان لبنان ودخلت في الطريق السريع وانا لسة على نفس مبدأي إنه لا رجوع مهما حصل.

أنا جه على دماغي اكتب كدة دلوقتي بالذات مع ان الموقف في دماغي على طول ؟ معرفش , كلمة سباق الزمان اللي اخترتها عبثاً وانا بسمّي ديواني الأول حاسسها أوي دلوقتي وانا شايف نفسي بسابق حاجة اسرع مني , أنا كتبت كدة يمكن عشان انا محتاج الروح دي , الروح اللي تخلي معايا الأمل والعزيمة طول الطريق , الروح اللي تخليني ماستسلمش للفكرة السلبية ولا افكر في الطريق من بدايته ولا حتى أخطائي وخطواتي اللي اتعثرت وتقلت , عايز اركز أوي على الهدف ومافكرش في اني مقدرش مهما بان ان الطريق طويل أو إن التعب مش هييجي بالفايدة.

الفكرة دي كان ممكن تجيلي في أي لحظة في طريقي ورا الاتوبيس , وساعتها كانت هتحصل حاجة من اتنين , يأما استسلم للحظ العثر - مشّيها حظ عثر - واروّح بيتي , يأما ارجع رمسيس واركب , وفي الحالتين مكنتش هلحق المحاضرة الأولى , بس في حالتي السابق ذكرها كان ممكن الحق , لما وصلت الكلية وصلت متأخر وجبت شاي ووقفت اشربه بكل انتشاء , لإني حسيت اني عملت اللي عليّا بس ماتوفّقتش , وكفاني أوي ساعتها اني كسبت شرف المحاولة.

الخميس، 23 أبريل 2015

صورة



في ظُهر يوم الخميس الثالث والعشرين من أبريل عام 2015 , أرسل لي صديقي محمود خلف صورتي التي التقطتها لي زميلتي القديمة سلمى في حرم كلية الهندسة بمدينة الشيخ زايد عام 2012 , ثم انهالت علَيّ كما لم تنهال من قبل الكلمات المملوءات صدقاً وحرارة حتى أنني لم أعلم كيف أتصرف. لأول مرة ربما أجد نفسي تائهاً وسط بحر الكلام وحيداً , بل غارقاً فيه إلى عيني حتى كِدت ألّا أرى ولا أميز ما أقرأ ولا أفهمه لأنني أشعر به وحسب. يقول :

“ولَمْ يُبقِ منها الدهرُ غيرَ حُشاشةٍ،
كأنّ خفاها، في صدور النُّهى، كَتْمُ

فإن ذكرتْ في الحيّ أصبحَ أهلُهُ
نشاوَى، ولاعارٌ عليهم، ولا إثمُ

ومِن بينِ أحشاء الدّنانِ تصاعدتْ،
وَ لَمْ يبقَ منها، في الحقيقة، إلّا اسمُ “

فأؤخذ من وقع الكلام على رأسي لأنني أرى هذه التي لم يبقَ منها إلا اسم , وهي روحي الغائبة عنّي منذ شهور طويلة , أطول مما اعتَقَدْت أنتَ الآن يامن تقرأ.

ربما لو جئتني في وقتٍ سابق لوجدتني بحراً لا يهدأ موجه.
ربما لو جئتني في وقتٍ سابق لوجدتني ناراً لا تخبو ولا تقف.
ربما لو جئتني في وقت سابق لَوَجدتني رياحاً لا تهدأ ولا تغيب.
أو شمساً يفرح بلُقاها من آثروا الدفء , أو قمراً يأنسوا به في الليل الغَريب , أو قصيدة لا يعلم إلا الله من أي الجِنان جائت ولا في أي القلوب وَقَعَت.
غِبت عن نفسي يا رفيقي حتى صِرت أنا والعدم سواء.
لم تدُم لي تلك الهالة وهذا الغموض الأثير , استُهلِكت حتى لم يبقَ مني شيئاً أواري نفسي وراءه.

“  إن عشقتَ فتاة، فكن أنتَ
لا هي،
منْ يشتهي مصرعهْ “

“إن أطلت التأمّل في وردةٍ
لن تزحزحك العاصفة!  “

“القصيدةُ في الزمن الصعب
زهرٌ جميلٌ على مقبرة!  “

“للحماسة وقت انتهاء بعيد المدى
فتحمّسْ تحمّسْ لقلبك واتبعه
قبل بلوغ الهدى
لا تقل للحبيبة: أنتِ أنا
وأنا أنتِ،
قلْ عكس ذلك: ضيفان نحْنُ
على غيمةٍ شاردة  “

“كن قوّياً، كثور، إذا ما غضبتَ
ضعيفاً كنوّار لوز إذا ما عشقتَ،
ولا شيء لا شيء
حين تسامر نفسك في غرفة مغلقةْ “

“لن تخيّبَ ظنّي،
إذا ما ابتعدتَ عن الآخرين، وعنّي:
فما ليس يشبهني أجملُ “

“  الوصيُّ الوحـــيدُ علـــيك من الآن: مستقبلٌ مهملٌ “

“لا تفكّر، وأنت تذوب أسىً
كدموع الشموع، بمن سيراك
ويمشي على ضوء حدسك،
فكّر بنفسك: هل هذه كلّها؟
القصيدة ناقصة… والفراشات تكملها“

“لا نصيحة في الحبّ، لكنها التجربة
لا نصيحة في الشّعر، لكنها الموهبة
وأخيراً: عليك السلام“

هذه هي نفسي التي قطّعت نفسها لكي تَكفي أجزاء القصيدة
وتلك هي روحي التي قسّمت روحها لكي تتنفس في أعماق الرسالة
وهذا أنا يا صديقي
هيثم عزت محمد عبدالفتاح شومان
طالب سابق في كلية الهندسة وطالب حالي في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية
تُرى هل وجد نفسه؟ هيهات
شاعر سابق عندما كان العِشق سهلاً , وعاشق حالي حيث صار الشِعر صعباً
الشِعر
أين ذهب؟ ربما لو علمت لذهبت وراءه أبحث
الشِعر الذي يُهدئ نيران القلوب , ذهب , وبقيت النيران لتأكل لا القلوب وحدها , بل لتأكل الأشياء كلها
حتى صرت إذا نظرت لا أرى
وإذا ابتسمت لا أضحك
وإذا فرحت لا أطمئن
وإذا حزنت لا أبكي
جسدٌ بلا روح , هل يستحق الحياة؟
لا .. تسحقه الحياة
فيفعل كل شئ ولا يحسّه
ويأكل كل شئ ولا يذوقه
ويستقبل كل شئ كما لو كان جداراً أليفاً
لا يزعق في الناس التي تكتب عليه
جداراً تطمئن له الأجسام وتسكن
لا يخيب ظنون الناس في الثبات , وهو الذي امتلأ بالشروخ
تُرى يا صديقي إذا وقع .. سيسخط الناس لأنه وقع وتركهم أم سيعيدوا بناءه كما كان ؟
تكلمت كثيراً والكلام الكثير عيبٌ في مذهبي
اذهب , فأنت السعيد
وعليك وعلى من قرأ السلام

الأربعاء، 18 مارس 2015

غزل فكري

عارف لما بيجيبوا الحرامي وهو بيعدي من اشعة الليزر الكتير فشخ ويفضل يلوي جسمه فشخ ويروح يمين وشمال عشان الليزر مايلمسوش؟ ده نفس احساسي وانا ماشي في الجامعة وبتفادى اني اعدي في اي كادر من كادرات الزبين كاميرا اللي مفتوحين في كل مكان وفي كل وقت ومن كل الزوايا ، مستحيل! لدرجة اني بتخيل لو فيه داتابيز للصور دي هبقى طالع فيها من كل الزوايا عالأقل! فانا ممكن اتوقع النهاردة اني اتصورت مرة من وشي في المحاضرة ومرة من جنبي اليمين على شمال القبة ومرة من ضهري في نفس المكان بس قدام شوية .. وهكون لابس بني .. ايام تانية هكون لابس اخضر او اسود او احمر او بنفسجي .. Its interesting .. im exited now! مبسوط اني بقدر اعمل الشئ من اللاشئ .. النهاردة في التدريب على تصميم صفحة مبدأية على النت ولما كانت كل الناس بتجرب اي كلام .. انا كنت بعمل حاجة مفيدة احب اعملها وافيد بيها اللي حواليا واسليهم .. الأدب العربي.. كانت تجربة صغيرة بس مثيرة وانا عامة مبسوط؛)

الأحد، 1 مارس 2015

يوميات ثائر متقاعد (3) : النوم

النوم النوم
حل الحيران
من هَم اليوم
اليوم خلصان
و نهار عدَّى
وآدي ليل تاني
إتقاس
على دقّة ألحاني
ونعيدها مشقّة
وزن وقافية
مجاش بالذوق
نكتبه بالعافية
الشعر كيان
من كون في خيال
شاعر إنسان
قد عاشَ ليال
وانا كنت جبان
وانا يومها وقفت
لحظي الحلو
وحظي الزفت
وحظ الناس
أهو مات وانا عِشت
مكنتش ماني
ولا زرادشت
فـ قلبي أماني
فـ عيني النور
الحظ نَساني
فَجَت في الأطهر
مات الحلم بإيد العسكر
" ماتكتّرش "
ولا أكتَّر!
شايف بُقّي بينضَح حكمة ؟
نَظَرك هان
أنا بتحايل علشان كلمة
وانا تَعبان
لَكن هرضَى والرضا نعمة
ورضا إنسان
وآدي الشِعر بيوت وشوارع
كَلِت الشاعر قبل الناس
وآدي الليل بينادي مواجع
تِقلِب ذكرى على إحساس
وآدي صباح
ونهار عدّى
وادي العُمر
عمره ما هدّى
وآدي الشِعر
لما امتَدَّ
جد ولِعب
ولِعب وجَدَّ
أبني بيت
بيت يتهدَّ
أظبط قافية
وزن يروح
سبحانك مِن يبنوا صروح
كانوا محترفين في الغُنا ولّا العُمران ؟
كانوا منهمكين في البُنا ولّا المواويل ؟
قلنا الأول إن النوم حل الحيران
ربِّ اوهبني
راحة قلب
وصبر جميل

الأربعاء، 25 فبراير 2015

إحساسات

حسيت دلوقتي ان حياتي عبارة عن نظام زي أي نظام مكون من أجزاء , كل جزء في النظام ده بينهار بطريقته الخاصة وبالبطئ ومجموع الانهيارات دي هيوصّلنا لنهاية حتمية هي انهيار النظام كله , مش أول مرة احس بالوحدة بس اول مرة احس ان محمد مصطفى بعيد اوي في محافظة بعيدة اوي مقدرش اكلمه اقله ينزل - حتى لو مرضيش. بقيت افكر كتير في اللي فات ومن شوية كنت جاي اكلم اخويا فكنت هكلم بنداري بالغلط , لوغاريتمات واحد بشرطة هي اللحن الوحيد اللي بيتجدد في مخي مهما مرّت الأيام واتغيرت الظروف , بدأت احس اكتر ان انا بعدت واني انفصلت بطريقة انسلاخية عن ناس كنت منهم وكانوا مني , عرفت مين مستعد يبيع ومين لسة مبقيلي مكان صغير في قلبه وحافظلي مكانتي زي ما هي من زمان , بقيت بفكر كتير اوي في ازاي بصاحب الناس وبفارقها وليه بصاحبها وليه بفارقها , بقيت اركز اكتر في ميكانيكية تشكيل علاقاتي نفسها وهي بتبقى قايمة على ايه وبتنتهي على ايه , بقيت اعرف اكتر ايه اللي بيزعلني وايه اللي ممكن يخسرني اللي قدامي من غير مجهود , حصل حاجة من يومين هتخسرني حد كنت بحبه بالتدريج الممل اللي هيعذبني لحد ما يحصل وبعد ما يحصل , بحس  ان مكونات شخصيتي دي مش بإيدي انا , ربنا خلقني غيور , مُحب , كاره , أناني في الحب , عندي مبادئ وأخلاق معينة -حميدة أو ذميمة- مابخرجش عنها حتى لو هخسر الدنيا , كل يوم مثلا أمي تيجي تكلمني في حاجة وارد عليها بنفس الأسس دي تزعل وتمشي وتسيبني , مابعرفش اغير نفسي عشان ارضي حد حتى لو هو اقرب حد , بقيت افكر جدياً اني ارجع اسحب تاني علاقاتي كلها وابنيها من جديد.

يوميات ثائر متقاعد (2) : الكنبة

الكنبة الكنبة
تساع ملايين
من روحي
المتبعترة فوقي
وانا بكتب
عشان اعجِب ذوقي
وانا ذوقي غريب
محتاج وقفة
على سلّم
موسيقار الزفّة
وانا ذوقي عجيب
محتاج لفّة
في ميدان تحرير
الشِعر الحُر
وانا كُنت بشُر
كلام وبقيت
بتاخدني الفرحة
لو اكتب بيت
والفرحة تاخُدني
بعيد عنّه
والشُعَرا بيكتبوا
ويغنّوا
ويقولوا يا ليل
وادي ليل تاني
اتقاس على دقِّة
ألحاني
ونعيدها مشقّة
وزن وقافية
مجاش بالذوق
نكتبه بالعافية
الشِعر ده سيف
والسيف أخطر
والسما يا بتمسِك
يا تمطّر
والمطرة بتحيي الأرض البور
والشِعر بيحيي خيال وشعور
وخيالي ساعات يهرب ويدوب
وسط الدنيا
والدنيا دروب
داخلة ومتداخلة
فصعب تلاقي
انا شايف نخلة
بطول أوراقي
المتبعترة
فوق الكنبة
يا للعجبة
شُفت اللفة ؟
بصيت للنخلة
وماغِيرتش
عندنا شيماء
ماتت واقفة

الخميس، 12 فبراير 2015

الناي

“دُقّي يا ساعة الجامعة يا حُرّة
على ليالينا السودة المُرّة”
وعلّي الصوت

دُقّي يا ساعة الجامعة
ولاد
على ليالينا السودة
سواد
ماتوا عشان داخلين
استاد
في ممر الموت

دُقّي يا ساعة
الموت
على بابنا
على ليالينا
وعلى أحبابنا
وِقِف النبض فـ قلب
شبابنا
وعاشوا القَتَلة

دُقّي يا دعوة ناس مظلومة
واعلي يا سارينات الحكومة
بكرة الناي يتحوّل شومة
ويعزف أحلى

الأحد، 11 يناير 2015

مش فاكر

الكنبة الكنبة .. رَمَتهُ فَقام
سريره البمبا .. ناداهُ فنام
إن كُنتَ نديماً فاسقيني
أو كنت غريماً حاربني
أو مستعجل إمشي وسيبني
أو كنت القهوجي حاسبني
أنا مش فاكر .. شربت بكام

الخميس، 8 يناير 2015

يوميات ثائر متقاعد (1) : الكرسي

الكرسي الكرسي
ضايقني هقوم
ارتاح على كنبة
واعِد نجوم
الليل وسماه
وآدي ليل تاني
إتقاس على دقِّة
ألحاني
ونعيدها مشقِّة
وزن وقافية
ماجاش بالذوق
نكتبه بالعافية
الشعر ده كيف
والكيف بيذِل
وانا بطلع حبّة
وحبّة بَقِل
والدُنيا دِوال
بين المخاليق
احكيلي يا خال
عن ألف صديق
مبقاش منهم
إلا المجدع
وانا قاعد بكتب
وأبدّع
على صمت الليل
الليل وأساه
وانا هكتب ايه
ومفيش مأساة
هرويلَك إيه
ومفيش حَبكة
وانا إيدي اترعشت
مـ الربكة
والناس تستنَى
إني أغنّي
طب اغنّي واجرب صوتي يا خال ؟
والناس من ضيقها
تشجّعني
أنا أشجع من أشجع خيّال
فانا هجري الكوكب وأطيرُه
واحكيلكُم قصصه وأساطيرُه
وأنادي وانادي على بيرُه
على بيرُه الحي
البير اللي من الوقت الفات
والوقت الجاي
وانا قاعد الف سبع لفّات
حوالين نفسي
وانا بقطع في الدنيا المسافات
طردي
وعكسي
وبقول الشِعر عشان أرضي
نفسي وأرضي
وانا أرضي بتزرع لون وردي
رغم البيادات
والورد ده يشبه ناس بلدي
والناس مقامات
والناس ها هُنا تعني الحلوين
مش كل الناس
هي الأرضين كُلهّا بساتين ؟
الدُنيا اجناس
اجناس بتناضل في الميادين
وتموت على أرض الحُريّة
اللي بتطرح ورد
واجناس راضية بعيشة الزنازين
وتحب الخوف والعبودية
وقلوبهُم سد
وانا شاعر بكتب حبة هزار
والاقيني بجد
طب حتى ابقى اديهم انذار
تغيير حالة
تغيير احساس
اه يا واقف عالمسرح بتقول ايه
يابن الناس
انا واقف اقول في كلام مليان وكلام بيشُر
وكلامي بقى شبه الأيام يحزن ويسُر
وانا أصلاً كل كلامي بقوله وبرتَجلُه
انا طالع اقولّكُم إنّي حزين , بس تفائلوا !