اخر رسالة لقيتها منشورة على المدونة وانا داخل اكتب كانت "أصدق في الأحلام، ولا يبدو أن هذا شيئاً يمكنني أن أغيره". مثير اني لقيتها قدامي وانا كنت داخل اكتب عن حلم، وفي طريق دخولي قابلت حلم، وانا بالإضافة للأحلام فانا بصدق في الإشارات كمان، وفي أغلب الأحيان بتّبعها.
قابلت آية العسلي على فيسبوك كانت ناشرة بوست ليها على فيبس بوست من سنة وكاتبة "Those were the days my friend"، ومن قبلها أمل وكذا حد كان بيفتكر تلك الأيام بالامتنان. انا بقى حلمت من كام يوم إننا رجعنا نتقابل ونشتغل في فيبس بوست تاني وكنا مبسوطين. الحاجة دي لما فكرنا فيها خرجنا بيها من وسط ركام اليأس، ولما عملناها كنا عارفين حدودنا ومقدرتنا. ولما التجربة دخلت في مطحنة الحياة خرجنا منها انا واحمد نبوي حاملين رضا شخصي بالمحاولة. رضا ممكن يخبو أو يلمع باختلاف الأحوال وسياقات التفكير ومرور الوقت. إنما مكنتش شايف بشكل شخصي - رغم امتنان المشاركين بالتجربة في ذروة نجاحها والتماعها - إنهم هيفضلوا محتفظين بنفس القدر من الامتنان بتجربة قصيرة وناقصة زي كدة، لدرجة التعبير عنها بإنها - باختلاف الألفاظ والمعبرين عنها - هي الأيام الحقيقية. قد كدة الحاجات الصغيرة ممكن - ولو مع الوقت - تسيب معاني كبيرة، زي بذرة ضئيلة بتسيبها في أرض طيبة. بتكبر كل ما الوقت يمر، {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (24) تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ}.
وأما الحلم اللي كنت داخل اكتب عنه، فهو مش حلم حقيقي. تقدر تقول محاولة لمحاكاة الحلم. امبارح بالليل كنت بفكر في بابا، بس مع الوقت والنعاس خليته ييجي يفكر معايا ويساعدني، وقعدنا نتكلم، وكنا قاعدين على بحر اسكندرية بالليل والجو كان حلو وبابا كان بيضحك ونمت مرتاح. هل وعيي صنع كل ده؟ انا مكنتش نايم، انا كنت بفكر وبخلق حديثاً زي ما بيقولوا، بس ماعرفش حاسس في لحظة ما إن العجلة اللي كنت بحركها بإيدي فلتت من إيدي واتحركت لوحدها.. على الأقل لحظة، ومين اللي اختار مكان الحوار انه يكون على بحر اسكندرية؟ ده أكتر حاجة نفسي اشوفها من زمن، وده تقريبا اخر مكان كنا كلنا مبسوطين فيه في السفرية بتاعت نتيجة الثانوية.. في صيف 2011.
بمناسبة 2011، وبمناسبة اني هلقي حياة المدينة جانباً لحد 2020، فانا - وبدون اختزال او تهميش لتجربتي القادمة كجندي - إلا إني بشكل ما حاسس اني بشارف نهاية هذا العقد من الزمان، كتجربة شبه مكتملة، لإن اللي جاي بعدها أزعم إنه هيكون مختلف عما سبقه تمام الاختلاف. تجربة كنت صغير في أولها وكبرت في آخرها. اختبرت فيها معاني الحب لحد ما زهدتها. هتفت فيها لحد ما اتكتمت. وجريت فيها لحد ما وقعت. عشت فيها لحد ما شهدت الموت. وكتبت فيها لحد ما نفد البحر. واتعلمت فيها لحد ما خدت الشهادة. وشفت فيها لحد ما عيني وجعتني. بقيت لما اخد الحقنة ابص على الدبوس وهو بيدخل وعلى الدم وهو بيخرج عشان ادرب نفسي على اعتياد الألم. وبالفعل تفعل الأيام في الإنسان أفعالها، وبيخرج من السنين كما لم يدخل، الأيام بتغير حاجات كتير.
مش عارف هدف من التدوينة دي غير اني اكتب، كتبت أكتر من حاجة الأيام اللي فاتت وبرضو مكنش ليها قيمة عندي غير معرفتي بإني جوايا حاجات عاوز اعبر عنها قبل ما تختفي. منها مثلا فكرة الاختفاء ده نفسه.. الأفكار العابرة بتعبر من فوق دماغنا ومش بتيجي تاني، المشاعر بتتغير كل لحظة واللي كنت هتقوله امبارح مش هتفتكر منه حاجة النهاردة لإنه تبدد في الفراغ. الصور الكتيرة اللي اتصورتها وماتعرفش عنها حاجة وجمعتك بناس ممكن ماتقابلهمش تاني احتمال كبير ماتلاقيهاش رغم انك عارف انك شفتها، وإنها هتفكرك بأيام ومشاعر كتير بذلتها في مسيرة قلبك.. من غيرها ممكن ينقص معنى من معاني حياتك المركبة. حياتك هي مجموع القيم اللي اختبرتها حواسك الخمس زائد مجموع الكلمات والصور اللي اعتملت في خيالك - والاتنين غير قابلين للجمع إلا على لوح محفوظ، على سطح عاكس، أصلب من الذاكرة الهشة.
هو يكتب ليحيا.. هكذا قال كيشو. هو واحشني بالمناسبة، كل الناس واحشاني بس انا من وقت طويل مش من مشجعي ان الناس تشوفني عشان انا عارف هم بيشوفوا ايه.
إني أرى في المنام أني أبتسم، فانظر .. ماذا ترى؟








