في عام 2017 , وقد تم وأد جميع الثورات العربية وتحطيم فروعها واقتلاع جذورها , استضافت مصر جامعة الدول العربية , في احتفالية كبيرة أقيمت في ميدان التحرير يوم الأحد 17 ديسمبر 2017 - الذكرى السابعة للمؤامرة التونسية , إذ كُتِب في التاريخ المكتوب في مناهج الطلاب : أن المؤامرة التونسية هي التي أعطت إشارة البدء للمؤامرات الأخرى لتشتعل في الدول المجاورة بالتتالي كحركة الدومينو , بمغالطة تاريخية تداولها العامّة بأن البوعزيزي أحرق نفسه , لم يعلم المتآمرون أن البوعزيزي في آخر أيّامه كان قد فقد إيمانه بالله وألحد , وأدّى هذا به إلى كثيرٍ من التصرفات الغريبة , والتي كان آخرها هذا الحادث المؤلم , رحمه الله لو عاش كان أعلن تأييده للنظام على مرئى ومسمع مدّعين الربيع العربي - ذهب أوان الربيع العربي وجاء أوان الخريف القبيح , يُذهِب كل جمال على وجه الأرض , لا مكان لأخضر , ثم انقلب الأمر كلّه فحلّ بالدُنيا الشتاء العسكري , بعواصفه التي تُهدّم البيوت , وغازاته التي تقرص الأجساد , وسماءه الملّونة بالحُمرة البغيضة.
بدأ احتفال جامعة الدول العربية بعنوان " مؤتمر الدعم العربي-العربي ضد المؤامرات والإرهاب " بحضور قادة الأنظمة العربية قاطبة , وجحافل من جنود ومركبات الجيوش العربية على أطراف الميدان , وبدأت فقرات الحفل بمتابعة مراسم إعدام آخر متآمر في الأراضي العربية.
القاضي : " العالم كله يراك , أمامك دقيقة واحدة تدافع فيها عن نفسك , بعدها تُعدَم. "
المتآمر : " فتحت عيني على الفقر والجهل والفساد فلم أتكلّم , مات أخي في سجون التعذيب في مصر , واغتُصِبَت أختي في سجون بشّار , وماتت أمي من الحسرة على أبنائها الذين قُتلوا في مذبحة تعز اليمن , وقُتل أبي على يد مرتزقة القذّافي في مصراتة , وتُريدونني أن أسكُت ؟ من بقى لي لكي أسكن إليه وألجأ إلى حضنه عندما يشيح عنّي وجه الوطن ؟ وعندما تكلّمت , أهانوني وعذّبوني وذبحوهم أمام عيني , كنت أنظر إلى إخوتي والسكاكين فوق أعناقهم فأقول لهم بعيني " سألحق بكم في الجنة " , تجففت في عيني الدموع , قالوا لي : فلتُحضّر نفسك للغد يا بطل , ستكون آخر متآمر في بلادنا , ويضحكون , فأتذكّر قول الله تعالى في سورة الزخرف : { إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ } , وتهدأ نفسي مع ذكر الله .. أنا لست هُنا لكي أدافع عن نفسي , لا أريد أن أعيش في هذه الغابة الموحشة , كل من عِشت لأجلهم ذهبوا وتركوني هنا , امكثوا في هذه الديار البالية أيها الطاغون , أتشوّق لرؤية إخوتي , اعدموني الآن , بسم الله الرحمن الرحيم : { ثُمَّ قِيلَ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ ذُوقُواْ عَذَابَ الْخُلْدِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلاَّ بِمَا كُنتُمْ تَكْسِبُونَ } صدق الله العظيم "
وتم إعدام آخر متآمر في الأراضي العربية وسط تصفيق من الجمع المُعظّم وتحيّات وتبادل للكؤوس والضحكات أعقبهم موسيقى عسكرية عزفتها الجيوش العربية احتفالاً بالحدث.
في فقرة أخرى من الحفل , كان الاستعراض العسكري للجيوش العربية وإجراء المناورات التكتيكية النوعية على نماذج المؤامرات التي تدرّبوا عليها كثيراً في السنين الفائتة , بدأت باستعراضات فردية للجيوش ثم بدأت المناورات وأشباه المعارك , وتقسّمت هذه المناورات لمراحل مختلفة , ففي المرحلة الأولى جاءوا بمجموعة غير مسلحة من المدنيين ووضعوها في شارع من شوارع وسط البلد , ثم كان دور الجيش المصري أن يطلق عليهم الغازات المسيلة للدموع , ولكن عندما أطلقت الغازات المسيلة للدموع وسط هذه المجموعة , لم يتحرّك أحد .. ارتبك الحضور , وارتبك منظمي الحفل , وكان مكبّر الصوت يدوّي هنا وهناك : " الناس مابيجروش لييه ؟ " ثم تأهبت الفرق الأمنية الخاصّة التي تحرس رؤساء الدول لشعورهم بالخطر , وارتعب القادة , ماذا يحدث ؟!! لماذا لم يجري المتظاهرون كما هو متوقع ؟! , وحقّهم أن يخافوا ففي هذه اللحظة حياتهم التي ينعمون بها الآن على عرش البلاد , لحظة المقاومة العكسية , فإذا جاءت المقاومة العكسية بما لا تتوقع أنظمتهم , ارتبك النظام كله.
" فيه ايه يا مجدي ؟ الناس قلقت هنا وعمّالين يقولولي كلام مش حلو , خلصّني يا مجدي " كان هذا صوت الرئيس مبارك يُكلّم مجدي الحدّاد منظم الحفل , " مفيش يا ريس كله تحت السيطرة خلاص " , " اومال ايه اللي حصل ؟ " , " منظم المجموعات الغبي حطِلنا السوريين بدل المصريين , السوريين مابيجروش من الغاز المسيل يا فندم ".
" نعتذر عن الخطأ الفني , يُرجي الهدوء " .. عاد الناس إلى أماكنهم مرّة أخرى وعادت القلوب في أحشائها ثانياً , ثم تم استئناف الاستعراض , فكانت المعركة الأولى بين الجيش المصري والمتظاهرين المصريين , يضربهم الجيش بالغاز المسيّل للدموع فيهرب الجميع إلا خمسة يتشجّعون ويقذفوا دبابات الجيش بالطوب , فتقترب الدبّابات , فيهرع الجميع , في اختفاء تام.
المعركة الثانية : الشرطة التونسية تفتح النار على المتظاهرين التونسيين.
المعركة الثالثة : كتائب القذّافي تهجم بالرشّاشات على الثوّار المسلحين وتسفر المعركة عن قتلى في الجانبين.
المعركة الرابعة : بلطجية علي عبدالله صالح يعتدون على مسيرة ضد النظام بالرصاص الحي.
المعركة الأخيرة : دبابات الجيش السوري تحاصر حي وسط البلد وتقصف المتظاهرين بالطيران وتُطلق 40 صاروخاً باتجاه الحي مما يؤدي إلى قتلى بالمئات ودمار شامل.
في فقرة أخرى من الحفل , جاء دور قادة الأنظمة العربية المنتصرة للحديث , فكان كل منهم يذكر مفخرته في بلاده وكيف استطاع أن ينتصر ,
فقال زين العابدين : أخذت مالهم وهربت!
وقال مبارك : وكّلت جيشي وهو قام بالواجب , كان هياخدها الأول بالنسيان ماعرفش , ففكرنا نطلّع حد من اياهم يحكم حكم صوري كام يوم يكره الناس فعيشتها فيرجعوا يقولوا ولا يوم من أيامك يا مبارك , أومال!
وقال بوتفليقة من خلال الفيديو كونفرنس : قذفت في قلوبهم الرعب.
وقال عبدالله صالح : حاولت اقعد كانوا هيحرقوني , أمنت نفسي ونفذت بجلدي , وحبايبي كتير.
وقال البشير : قمعتهم وأفقرتهم وقسمتهم.
وقال بشّار : قتلتهم وشرّدتهم والإرهابيين كمّلوا.
وجاء دور ليبيا , انتظر الجمع أن يسمع شيئاً , لدقيقتين لم يسمعوا شئ .. نَظَر اللواء خليفة حفتر إلى أعلى , وعينه تفيض بالدموع , حيث كانت روح القذّافي تُرفْرِفُ في المكان.
*فانتازيا الثورة : الملحمة الرابعة*
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق